إدوارد هوبر: شاعر العُزلة
من الصعب أن نتذكّر أين ومتى رأينا لوحة لـ إدوارد هوبر لأوّل مرة. ربّما تكون الأماكن والشخصيات التي يصوّرها في لوحاته مألوفة، لأنها موجودة بالفعل في مكان ما من الذاكرة. وهوبر لا يفعل أكثر من أنه يدفع بها مرّة أخرى إلى منطقة الشعور وعتبات الوعي. قطار آخر الليل، مكتب في ناطحة سحاب، أشكال الظلام المخيّم على المدينة، غرف الفنادق. هذه كلّها أجزاء من عالم ادوارد هوبر الغامض ومن الطبيعة الميثية لما عُرف في بعض الأوقات بالحلم الأمريكي. ولوحات هوبر لا تدعوك للدخول إليها، فهي مليئة بالظلال الداكنة والأماكن المظلمة وببقع من الضوء الساطع وأحيانا المزعج. ويصحّ أن يقال إنها ليست لوحات مضيافة أو ودودة. إنها تدفعك إلى الوراء، تردّ نظراتك وتطلب منك أن تتفحّص مشاعرك وأنت تحاول فهم ما تراه أمامك. والنظر إلى بعض تلك اللوحات يشبه إلى حدّ كبير النظر إلى صورة ثابتة مقتطعة من احد أفلام الفريد هيتشكوك. في لوحته "منزل بجوار سكّة الحديد"، يصوّر هوبر منزلا وحيدا في عزلة مزعجة. وباستثناء سكّة الحديد لا توجد بيوت أو مساكن في الجوار. وفي اللوحة، كما في لوحات هوبر الأخرى، إحساس عميق بالتخلّي والفقد والعزلة. ...