المشاركات

عرض المشاركات من مارس 12, 2017

سينيكا: بين الفيلسوف والسياسيّ

صورة
إذا كان حلم الشعراء والفلاسفة أن يسيطروا على رجال السلطة، فلا شكّ أن الفيلسوف الرومانيّ سينيكا كان مهيّأ تماما لفعل ذلك. كان هذا الرجل، المولود في اسبانيا قبل ألفي عام، من أكثر الشخصيات فتنةً وإثارةً للجدل في الأزمنة القديمة. كان خطيبا مفوّها ومؤلّفا و"واعظا أخلاقيّا" بلغة هذه الأيّام. وأحد أشهر أقواله التي تُقتبس عنه دائما هو قوله: لم نُعطَ حياة قصيرة، بل نحن من يجعلها كذلك، ولدينا الكثير من الوقت لكنّنا نضيّعه". وفي أعماله الفلسفية الأخلاقية، يؤكّد سينيكا على أن مفتاح الحياة الفاضلة هو التحرّر من العواطف، وأن الفضيلة ضرورية للسعادة وكافية لخلقها. وهناك كلام آخر كثير له يحاول من خلاله أن يساعدنا في التغلّب على مشاكل الحياة، كالفقر والغضب والفشل وغير ذلك. كان سينيكا أحد منظّري الفلسفة الرواقية التي ترى أن الإنسان يجب أن يتحرّر من انفعالات الفرح أو الحزن وأن يُخضِع كلّ تصرّفاته وأفعاله لأحكام الضرورة. والمفارقة أن هذا الفيلسوف، صاحب الأفكار الإنسانوية والتعاليم الأخلاقية كما عبّر عنها في كتاباته، هو الذي علّم احد أكثر أباطرة روما استبداداً ودمويةً، أي نيرون، بل وعم...

الشينرين يوكو أو البايوفيليا

صورة
تحدّث الكثيرون عن كيف أن الطبيعة موجودة في الإنسان وليست خارجه، فالأشجار، بمعنى ما، هي رئاتنا والأنهار أوردتنا. كما أن بين البشر والبيئة ارتباطا عميقا، وما يفعله الإنسان بالطبيعة إنما يفعله بنفسه في النهاية. وهناك من قال إن الحريّة الحقيقية توجد في البرّية وليست في الحضارة، وأن الإنسان يحتاج للذهاب من وقت لآخر إلى أماكن لم يُعَد ترتيب تفاصيل الطبيعة فيها بأيدي البشر. وليس شرطا أن تستمتع بمناظر الطبيعة كي تشعر بفوائدها وتأثيرها الايجابي على مزاجك وعلى حياتك بشكل عام. تغريد الطيور وحفيف أوراق الشجر واستنشاق رائحة الأرض، كلّ هذا من شأنه أن ينقّي المشاعر وينشّط العقل المجهد. وجزء مهم جدّا من تفاصيل الطبيعة يتمثّل في الأشجار. صحيح أنها لا تتكلّم، لكنّها تتواصل معنا من خلال الإفرازات الكيميائية التي اكتشفها العلماء منذ القدم وثبت أن لها تأثيرا مهمّا على خفض الهرمونات التي تولّد القلق والإجهاد. ولكي يعوّد الإنسان نفسه على النظر إلى الطبيعة والاستمتاع بتفاصيلها، قد يكون من المناسب أن يحاول في البداية أن يسمّي الأشجار والأزهار التي يعرفها، ثم يحضر منظارا مكبّرا ويحاول أن يتعرّف عل...