المشاركات

عرض المشاركات من يوليو 4, 2010

ظاهرة العمى في فنّ بيكاسو

صورة
العمى عاهة خطيرة. فالعينان هما نافذة الإنسان على العالم. والإبصار مهمّ لبقاء الدماغ نفسه. وبدون الإبصار، يبدأ الدماغ في نسيان العالم ويفقد الإنسان إحساسه بالواقع. الأدب والفنّ الغربيان اهتمّا بظاهرة العمى منذ القدم. الأديب الأرجنتيني جورجي بورخيس عانى من العمى التامّ لبضع سنوات. ووصف تجربته تلك في بعض كتاباته. وقد حرمه العمى من رؤية جميع الألوان، وفي طليعتها الأحمر والأسود. وكان يرى الليل على هيئة ضباب باهت من الأزرق والأخضر. والروائي البرتغالي خوسيه ساراماغو كتب هو الآخر رواية عن مدينة يتعرّض سكّانها للعمى ولا يبقى منهم سوى شخص واحد مبصر. والفيلسوف الفرنسي دينيس ديديرو ألّف كتابا مشهورا بعنوان "رسالة حول العميان" تطرّق فيه إلى العمى بمعناه الرمزي والمجازي. في العصور الوسطى، كان الرسّامون يصوّرون العمى على انه مظهر من مظاهر ضعف الإنسان أمام جبروت الله أو عقوبة من الله على آثام وخطايا الإنسان. وبطبيعة الحال كان الهدف من ذلك تكريس الأفكار المسيحية وتذكير الإنسان بما يجب أن يكون عليه حال المؤمن. في عصر النهضة اختفت الحمولة الدينية لمفهوم العمى وأصبح الإبصار رديفا للمعرفة، بدونه ...

نشيد الفرح

صورة
يقول الموسيقي ليونارد بيرنستاين الذي درس بيتهوفن كثيرا وعزف موسيقاه وعاش في بيته وتنقّل في الأماكن التي كان يرتادها: موسيقى بيتهوفن تثير المشاعر وتروق لكلّ الناس. لقد اثبت بيتهوفن الطبيعة العالمية للموسيقى عندما كتب أعمالا تتحدّث إلى جميع الناس، كبارا وصغارا وعلى اختلاف أديانهم وتنوّع خلفياتهم وثقافاتهم. سيمفونيته التاسعة تذهب إلى آفاق تتجاوز الشعر، إذ تتحدّث عن الحرّية والمحبة والأخوّة الإنسانية مثيرة شعورا بالسموّ والنبل. كما أنها أيضا تكشف عن الطفل الذي لم يكبر أبدا داخل بيتهوفن بحديثها عن الأمل والتفاؤل والبراءة والمستقبل والخلود. يستحيل أن تستمع إلى هذه السيمفونية دون أن تغيّرك لتصبح أكثر إشراقا وتفاؤلا وأكثر ثراءً من الناحية الوجدانية. السيمفونية التاسعة ليست مجرّد عمل موسيقي وإنما يمكن اعتبارها احتفالا بالموسيقى نفسها. السيمفونية التاسعة هي ولا شكّ أعظم سيمفونيات بيتهوفن. وكلّ شخص، تقريبا، يعرف نشيد الفرح الذي يغنّيه الكورال في ختام السيمفونية. تضمين بيتهوفن نشيد الفرح للشاعر شيللر يُعتبر في حدّ ذاته تحوّلا جريئا باتجاه الموسيقى الرومانسية. كان بيتهوفن معجبا بـ شيللر. وبعض سونات...

محطّات

صورة
رحلة بالقارب في صيف عام 1874، كان ادوار مانيه يقيم في جينفيلييه خارج باريس، أي غير بعيد كثيرا عن المنزل الذي كان قد اقترحه على عائلة مونيه في ارجنتويل. وكان قد رفض المشاركة في المعرض المستقلّ الذي نظّمه الانطباعيون في ربيع ذلك العام. ومع ذلك، كان مانيه راغبا بوضوح في تبنّي أسلوب رفاقه الشباب في تصوير أماكن النزهة والترفيه. وكانت هذه اللوحة هي البيان الذي أعلن من خلاله عن ولائه للانطباعية. الذين كتبوا سيرة مانيه يقولون إن صهره رودولف لينهوف هو الرجل الذي اختاره كي يأخذ ملامح البحّار في هذه اللوحة. بساطة التوليف هنا، واستخدام كتلات واسعة وقويّة من اللون، هما ملمحان يكشفان عن إعجاب مانيه بالأسلوب اليابانيّ في الرسم على الخشب. من الملاحظ في هذه اللوحة أنها لا تتضمّن خطّ أفق يكشف عمّا وراء المنظر. والحافّة السفلية ربّما توحي بأن هذا جزء من جسر خشبيّ كان يجلس عليه الفناّن وهو يرسم. إلى أقصى اليمين تحت، هناك ما يشبه السمكة أو الطائر. واللوحة، رغم موضوعها، لا تشي بالحميمية أو المتعة والمرح. شوارب الرجل الكثّة ونظراته وهيئة فستان المرأة والخمار على وجهها كلّها سمات تعطي المنظر مسحة رسمي...

رحلة إلى شانغريلا

صورة
هناك من الكتب ما تقرأه ويظلّ حاضرا في الذهن حتى بعد انقضاء وقت طويل على قراءته. هذا الوصف ينطبق على رواية الكاتب البريطاني جيمس هيلتون بعنوان "الأفق المفقود". ورغم انقضاء سنوات طويلة على قراءتي تلك الرواية المشوّقة، إلا أنني ما زلت أتذكّر الكثير من الصور والمواقف التي تضمّنتها. وأزعم أن الأجواء الغرائبية والساحرة التي ذكرها هيلتون في روايته أسهمت إلى حدّ كبير في صياغة وتشكيل نظرتي إلى الصين وإلى الثقافة الصينية بوجه خاص. رواية الأفق المفقود تتحدّث عن رحلة يقوم بها أربعة مغامرين غربيين إلى مكان يقال له شانغريلا يقع في بقعة نائية من بلاد الصين. وشانغريلا، كما تصفها الرواية، عبارة عن واد اخضر فسيح يقع وسط الجبال ويمتدّ إلى أعالي سهول الهمالايا الواقعة داخل الحدود الصينية. ويتصف ذلك الوادي بهوائه العليل وسمائه الزرقاء وسحبه البيضاء التي تكاد تعانق وجه الأرض. أما البشر الذين يسكنونه فيتميّزون بكرم الضيافة والبساطة والأمانة والدفء الإنساني. ويسرد الروائي أحداث قصّته في قالب جميل يجمع بين النوستالجيا والرومانسية والحزن، ويثير في النفس مشاعر وانفعالات متباينة تخاطب توق الإنسان إلى مك...