المشاركات

عرض المشاركات من مارس 28, 2010

الجمال في عين الناظر

صورة
على مدى سنوات، فُتنت بالعديد من اللوحات الفنّية التي منحتني المتعة والبهجة لدرجة أننا أصبحنا، مع مرور الوقت، أصدقاء. وصار من عادتي أن اخصّص بعض الوقت الذي يتوفّر لي في تأمّل لوحاتي المفضّلة. وبإمكاني القول إن هناك على الأقلّ أربعة أعمال فنّية استطاعت أن تبهرني وتملك كلّ حواسّي. بعضها سأتحدّث عنه هنا بشيء من التفصيل. والبعض الآخر اعتقد انه لا يحتاج لتفصيل أو مزيد شرح. يكفي أنها تروق للعين وتمتّع الحواسّ. أوّل تلك الأعمال هي لوحة أشجار الحور للرسّام الفرنسي كلود مونيه. هذه اللوحة كانت وما تزال إحدى اللوحات المفضّلة لديّ منذ رأيتها لأوّل مرّة قبل سنوات بعيدة. وقد رسم مونيه عدّة لوحات عن نفس الموضوع في أوقات وحالات جوّية مختلفة. رأيت هذه اللوحة لأوّل مرّة في احد غاليريهات لندن. كان هناك محاضر يتحدّث عن اللوحة بينما التفّ حوله مجموعة من التلاميذ الصغار. وقد توقّفت وجلست استمع إلى شرح المحاضر الذي كان يتحدّث عن مونيه وكيف انه استطاع أن يمسك في هذه اللوحة بتوتّر الطبيعة بطريقة رائعة ومعبّرة. هل كان هذا هو السبب الذي دفع مونيه لأن يرسم تلك الأشجار مرّة بعد أخرى؟ ليست لديّ مشكلة في أن يعيد فنّ...

عندما تتحوّل الصورة إلى أيقونة

صورة
في تاريخ الفنّ العالمي، لا يوجد سوى عدد قليل من الصور التي استطاعت أن تتبوّأ مكانة الرموز والأيقونات الثقافية. على رأس هذه القائمة تأتي الموناليزا لـ ليوناردو دافنشي و الصرخة لـ إدفارد مونك والقوط الأمريكيون لـ غرانت وود. وكلّ هذه الصور تمّ استنساخها وطباعتها عددا لا يُحصى من المرّات وبمختلف الأساليب والأشكال. لكن كيف تصبح الصورة أيقونة؟ في كتابه "القوط الأمريكيون" يتعقّب المؤرّخ في هارفارد ستيفن بيل التاريخ الثقافي للوحة غرانت وود المشهورة والتي تصوّر مزارعا من آيوا وزوجته "أو قيل ابنته". كلّ شخص تقريبا يعرف هذه الصورة من خلال عمليات الاستنساخ والمحاكاة الساخرة التي خضعت لها، رغم أن القليلين يعرفون الكثير عن اللوحة الأصلية. وعندما عرض ستيفن بيل هذه اللوحة على 59 شخصا، تعرّفوا عليها جميعا. لكن 31 فقط منهم عرفوا اسمها وخمسة فقط تذكّروا اسم الفنان الذي رسمها. بدأت قصّة "القوط الأمريكيون" في كوخ صغير ابيض. رأى غرانت وود الكوخ من نافذة سيّارته ذات يوم من أغسطس عام 1930 ثمّ قرّر أن يرسمه. كان الكوخ مبنيّا على الطراز القوطي الذي شُيّدت به الكاثدرائيات الأوربية....

أفق الكتابة

صورة
ينبغي أن يتمتّع الكاتب بدقّة الشاعر وخيال العالم. أكتب دائما مثل روائي متميّز وأتكلم مثل طفل. لا شيء ينعش ذكريات الماضي مثل رائحة مرتبطة به. القارئ الجيّد لا يتماهى مع الشابّ أو الفتاة في الرواية، وإنما مع العقل الذي أنشأها. الصفحات ما تزال بيضاء، لكنْ ثمّة شعور غريب بأن الكلمات هناك، إنها مكتوبة بحبر خفيّ، وهي تتململ وتصرخ كي تكشف عن نفسها. إن تحويل رواية إلى فيلم سينمائي يشبه رسم سلسلة من الاسكتشات للوحة أنجزت ووُضعت داخل إطار منذ وقت طويل. - فلاديمير نابوكوف، روائي روسي لا استطيع أن امشي في ضواحي المدينة وسط هدوء وعزلة الليل دون أن أفكّر في المتعة التي يمنحنا إيّاها الليل بحجبه كلّ التفاصيل الساكنة، تماما مثلما تفعل ذاكرة الإنسان. - جورجي لويس بورخيس، روائي أرجنتيني كانت لي يدان ناعمتان، وكانّ علي أن أجد مهنة خاصة؛ عملا لا يدفعني للابتعاد عن السماء والنجوم ويسمح لي باكتشاف معنى الحياة. - مارك شاغال، رسّام فرنسي من أصل روسي عزيزي الله: لم اكتب إليك منذ زمن. وحاليا أنا منشغل بتنظيف آثار ما فعلتَه هنا في هاييتي حيث أشارك في عمليات الإغاثة بعد الزلزال. كلّ شيء هنا خراب ودمار. أنت...

فنّ الحرب

صورة
لم يكن الفنّان الفرنسي جاك لوي دافيد شخصا مسالما أو داعية للسلام. لكنّ هذه اللوحة الملحمية عن الصمود الأخير لأهل اسبارتا ليست مجرّد تمجيد للحرب. قائد الحرب يجلس ساكنا وسط حشد من الجنود في لوحة دافيد ليونيداس في معركة ثيرموبيلي . وهي لوحة ضخمة لدرجة أنها قد لا تثير اهتمام احد لولا شخصية الملك الاسبارتي الذي يحدّق بعيدا عن الدراما التي تجري من حوله. انه ينظر إليك مباشرة وكأنه يقودك إلى داخل أجواء الرعب والحذر اللذين تصوّرهما اللحظة. هذه اللوحة تصوّر الوقفة الأخيرة لأهالي اسبارتا في معركة ثيرموبيلي عندما كان جيش تلك الدولة اليونانية الحربية يضحّي بنفسه لإبطاء تقدّم الجيش الفارسي عبر ممرّ جبلي ضيّق. لم يكن الاسبارتيون يؤمنون بالتراجع. والنصب التذكاري الذي أقاموه في ما بعد تخليدا للمعركة يسجّل تمسّكهم بالشرف العسكري. في أواخر القرن الثامن عشر، رسم جاك لوي دافيد الذي تسيطر على عقله النزعة البطولية مناظر من التاريخ الروماني القديم. وقد ساعدت تلك الصور التي تمجّد التضحية في سبيل الوطن في صياغة عقلية الثورة الفرنسية. وخلال سنوات الثورة، دافع الرسّام عن المجرم المتعصّب مارات الذي كان مسئول...