المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس 3, 2025

رحلات باشو

صورة
"تسافر الشهور والأيّام عبر الأبدية. وكالرحّالة، تأتي السنوات وتمضي". كان الشاعر الياباني ماتسو باشو (1694-1644) يشعر أحيانا بالملل من الحياة، فيقوم برحلات طويلة مشياً على الأقدام أو على ظهور الخيل بحثاً عن الإلهام، متأمّلا الطبيعة والمواقع الأثرية المشهورة. كان التجوال بالنسبة له نوعا من التطهير الروحي. ومن المرجّح أنه كان يرغب في خوض تجارب نفسية وروحية أثناء رحلاته في أنحاء البلاد كحاجّ. وباشو يُعتبر بإجماع كافّة النقّاد ومؤرّخي الأدب تقريبا أهمّ شاعر ياباني في جميع العصور، وإليه تُنسب أشهر قصيدة هايكو على الإطلاق والتي يقول فيها: "بركة قديمة ضفدع يقفز رذاذ الماء". وقد عُرف عن باشو تأثّره الكبير بالشعراء الصينيين الكلاسيكيين، كشاعرَي سلالة تانغ الشهيرين "لي باي" و "دو فو" اللذين كان معجبا بهما كثيرا. وكان الشعر الصيني الكلاسيكي يحمل مُثلا عُليا يُتوقّع من الشعراء أن يلتزموا بها، كالحاجة إلى فقدان الثقة بالنفس، وعدم تقبّل ما يُنظر إليه كابتذال اجتماعي، واستعداد الشاعر لمغادرة المجتمع كلّما رأى ذلك ضروريا، والتجوال بحثا عن التواصل مع م...

نصوص مترجمة

صورة
○ لأن اليابان تُعتبر واحدة من أكثر جزر العالم تعرّضا للأنشطة الزلزالية، يدرك اليابانيون ليس فقط جمال كلّ فصل، بل أيضا القوّة الهائلة للطبيعة. الانفجارات البركانية والرياح الموسمية والزلازل وأمواج تسونامي تشكّل تهديدا مستمرّا لليابان، إلا أن شعورا بالقبول متأصّل في عقول الناس. فعندما يدرك المرء أن الحياة قد تُسلب منه في أيّ لحظة، فإنه يكتسب تقديرا متزايدا للحاضر. وتعكس الفنون التقليدية اليابانية، مثل الإيكيبانا وشعر الهايكو وحفلات الشاي، هذا الوعي مع التركيز على اللحظة الراهنة. وغالبا ما يسيء الغربيون فهم صفات مثل البساطة والفراغ والغموض على أساس أنها تفتقر إلى شيء ما. لكن في اليابان، تشير هذه الصفات ذاتها إلى النضج والثراء الروحي، فهناك الكثير مما يمكن اكتشافه في الفراغ. مثلا، في الغرب تُحفظ كتل الزهور المتفتّحة بإحكام في مزهرية مع رشّات من أوراق الشجر لملء الفراغات بينها. لكن في اليابان، يركّزون على إبراز السمات الفردية للزهرة أو الورقة أو الفرع المفرد. كما أن المساحة الفارغة المحيطة مهمّة بقدر أهمية الزهرة نفسها، لأن المساحة تحمل طاقة ومساحة للتنفّس والنموّ. وينظر اليابان...

قصّة صعود الكومانتشي وأفولهم

صورة
كانت الكومانتشي أقوى قبيلة هندية في التاريخ الأمريكي على الإطلاق. وعُرف عن محاربيها براعتهم في القتال بالخيل، لدرجة أنهم سيطروا على مناطق شاسعة في وجه الزحف الإسباني والمكسيكي والتكساسي، رغم قلّة عددهم وعتادهم. وفي أوج مجدهم، بلغ عدد الكومانتشي عشرات الآلاف وكوّنوا قوّة عسكرية ضاربة. لكن عددهم لم يتزايد قط، لأن نمط حياتهم المتنقّل والعنيف أدّى إلى انخفاض معدّلات المواليد وارتفاع معدّلات الوفيات بينهم بسبب خسائر الحرب. في كتابه "إمبراطورية قمر الصيف"، يروي الكاتب سام غوين الأبعاد المتعدّدة لثقافة محاربي الكومانتشي وصدامهم مع المستوطنين الأوربيين الساعين للاستيلاء على تكساس. وتبدأ القصّة بوصف لإحدى الغارات المبكّرة التي شنّها الكومانتشي على المستوطنين على الحدود في ثلاثينات القرن التاسع عشر. ثم يتتبّع الكاتب الحرب المستمرّة بين الثقافات الأنغلوساكسونية في تكساس، وصولا إلى جهود الحكومة الفيدرالية الأمريكية لترويض الكومانتشي. وفي الكتاب أيضا نتعرّف على عدد من الشخصيات الرائعة على جانبي هذا الصراع، ونشعر بالفزع من كمية العنف والوحشية من الطرفين. ثم نرى، على مدى عقود ...