المشاركات

عرض المشاركات من يونيو 6, 2010

تصوير المناظر الطبيعية

صورة
تصوير المناظر الطبيعية ليس مجرّد شكل من أشكال الفنّ التأمّلي كما يظنّ معظم الناس. بل يمكن أن يكون التصوير تجسيدا للحظات مثيرة وبحثا للامساك بالطبيعة المتغيّرة وحالاتها المزاجية المختلفة. العين وراء الكاميرا لا تمسك فقط بالمنظر الطبيعي، وإنّما أيضا بالحالة الذهنية، أي تلك التي تعكس مزاج وجوّ المشهد. وهذا هو السبب في أن تصوير المناظر الطبيعية يمكن أن يكون أمرا مزعجا وجميلا في الوقت نفسه. والمفارقة هي أنك إذا حضّرت للقطة ودرستها جيّدا مسبقا، فمن المرجّح أن تصاب بخيبة أمل. والسبب هو أن التصوير حالة ذهنية في الأساس وهو نتيجة للانفعال الذي يثيره مشهد معيّن في النفس. وبالإضافة إلى الانفعال، يحتاج المصوّر إلى أن يأخذ نوعية الضوء في الاعتبار. فالصورة التي تُلتقط قبل ساعتين من غروب الشمس أو بعد شروقها غالبا ما تنتج لقطات فعّالة جدّا. طبيعة الضوء هي احد العناصر الحاسمة في الصور. وبعض المشاهد التي تُلتقط في منتصف النهار تكون مختلفة عن تلك التي تُلتقط قبل الغروب بقليل. فوقت الغروب، تترك الشمس ظلالا طويلة. كما أن حرارة النهار تمنح تأثيرا ضبابيّا وخلفية ناعمة، وهو وضع مثاليّ في التص...

بوّابات الفجر

صورة
في إحدى اللوحات التي رُسمت لتزيّن ديوان الرباعيات، يظهر عمر الخيّام مرتقيا ربوة شاهقة وقت السحَر بينما يحدّق في السماء متأمّلا منظر النجوم المتلألئة من بعيد. الذي يتأمّل الصورة لا بدّ وان يتخيّل أن الخيّام من موضعه المرتفع ذاك، وهو الذي درس علم الفلك وبرع فيه، كان يحاول اكتشاف بوّابات أو ممرّات يمكن أن تشفّ عمّا وراء السماء القريبة من عوالم وأكوان. ذلك ما كان يشغله دائما. كان دائم البحث عن إجابات ترضي فضوله وتروّض جموح نفسه الحائرة. كلّما رأيت هذه اللوحة تذكّرت مقاطع بعينها من الرباعيّات وبخاصّة تلك التي يقول فيها الخيّام: أطال أهل الأنفس الباصرةْ، تفكيرهم في ذاتك القادرةْ. ولم تزل يا ربّ أفهامهم، حيرى كهذي الأنجم الحائرةْ. أفنيت عمري في اكتناه القضاءْ، وكشف ما يحجبه في الخفاءْ. فلم أجد أسراره وانقضى، عمري وأحسست دبيب الفناءْ. لكنّ الشاعر، في غمرة أفكاره وتساؤلاته الكثيرة، لا يلبث أن يقتنع باستحالة أن يعرف الإنسان شيئا ابعد من وجوده المباشر. وعليه فإن الحكمة تقتضي أن يفكّر الإنسان بيومه وأن يستمتع باللحظة التي هو فيها: لا توحش النفس بخوف الظنونْ، واغنم من الحاضر أمن اليقينْ. فقد تساوى ...

عالَم فرانسيس بيكون

صورة
لوحات فرانسيس بيكون مخيفة وأحيانا مرعبة: رأس منصهر أمام ستارة، شخص يصرخ وهو يتكوّم تحت مظلّة، شخص آخر يجلس في غرفة صغيرة بلا نوافذ كما لو انه مسجون في الجحيم. حياة هذا الرسّام كانت دائما مصدر اهتمام العديد من نقّاد ومؤرّخي الفنّ. بعضهم وصفه بالمجنون. والبعض الآخر اعتبره أعظم رسّام بريطاني منذ تيرنر. والبعض الثالث حاول أن يقيم صلة ما بين حياته الشخصية ومواضيع لوحاته. الزمن الذي عاش فيه بيكون كان رهيبا. ملايين البشر فتكت بهم الفاشية والنازية والثورات والحروب المتعدّدة طيلة القرن العشرين. وقد جلب بيكون كلّ هذه الفظاعات إلى لوحاته. في بعض أعماله، رسم بيكون قطعا من اللحم. "ذلك اللحم هو لحمنا جميعا. من المرعب أن تصحو في الصباح لتكتشف أن هناك بشرا تحوّلوا إلى أشلاء صغيرة باسم الدين أو إرضاءً لنزوات مجموعة من الحمقى والمتوحّشين". كان فرانسيس بيكون، بالإضافة إلى اشتغاله بالرسم، فيلسوفا وقارئا نهما. من أقواله المشهورة: كلّ الألوان تتوافق في الظلام. اللوحة ليست دائما تعبيرا أمينا عن مزاج الرسّام، إذ قد يكون في حالة يأس عظيمة ومع ذلك يرسم لوحة تضجّ بالسعادة والبهجة. من الحالات الأكثر مدع...