محطّات
ذات مرّة غرقت سفينة ومات معظم ركّابها ولم ينجُ سوى بضعة افراد تشبّثوا بقارب نجاة في الليل. ولم تكن هناك رياح عاصفة، بل كان البحر قد هدأ نسبيّا. وربّما بسبب صدمة تحطّم سفينتهم، لم يتمكّن أحد من الناجين من تذكّر أيّ شيء من حياته قبل ذلك ولا حتى كيف وصل إلى قارب النجاة. ومرّ الوقت بطيئاً، ثم قال أحدهم أنه شعر بنسيم خفيف يلامس وجهه. وحاول الجميع أن يتأكّدوا ما إذا كان هذا صحيحا أم أنه مجرّد تفكير بالتمنّي. ثم شعر به شخص آخر أيضا، ثم آخر، وسرعان ما هبّ نسيم لا لبس فيه وأخذ يحرّك الهواء من حولهم. ولم يكن هناك صوت، لكن شخصا آخر ظنّ أنه سمع تلاطم أمواج من بعيد. وأرهف الجميع أسماعهم وسرعان ما سمعوا صوت الأمواج المتكسّرة على الشاطئ. ونُقل القارب في الظلام إلى الشاطئ القريب. ثم سأل أحدهم: هل نحن قريبون من الفجر؟ وبعد قليل لم تلبث ألوان الفجر أن بدأت بالظهور فوق أفق البحر. وهكذا بدأت هذه المجموعة الصغيرة من البشر في اختراع أو خلق عالم من العدم: جزيرة بها غابات وأشجار وحياة برّيّة وطيور صغيرة من النوع الذي قد يتخيّله أيّ إنسان. في البداية كان لدينا العالم بكلّ أمجاده، مضاءً بنور الفجر...