المشاركات

عرض المشاركات من يونيو 19, 2011

الرحيل إلى سيثيرا

صورة
لم تحدث رحلة مثل هذه في الواقع. ولا الرسّام يحاول حملنا على الاعتقاد بأن الرحلة حدثت فعلا. التماثيل الكلاسيكية المطوّقة بالزهور، وكائنات كيوبيد الطائرة في منتصف الهواء، كلّها تبدو مثل عرض على خشبة مسرح. حركة العشّاق البطيئة، النسيم الذي يهفهف الأشجار، والضباب الذي يرحل فيه الرجال والنساء، تثير حالة شبيهة بالحزن الذي يعترينا عند الإحساس بانتهاء العطلة. ورغم أن طبيعة الحياة اليوم أصبحت مختلفة نوعا ما، إلا أن لوحة جان انطوان واتو الرحيل إلى سيثيرا تثير صدى بعيداً آتياً من وراء القرون. فهذه الجزيرة، أي سيثيرا، تقع في اليونان، وبالتحديد في أقصى جنوب البحر الأيوني. وهي محاطة بالجبال وترتفع عن سطح البحر بأكثر من ألف وستمائة قدم. وفي العصور القديمة ساد اعتقاد بأن هذه الجزيرة كانت المكان الذي ولدت فيه فينوس أو افرودايت إلهة الجمال. والرسّام يستلهم قصّة تلك الجزيرة ليصوّر الاحتفال الذي كان يحييه ارستقراطيّو فرنسا زمن الملك لويس الرابع عشر. كان أفراد النخبة يذهبون إلى الريف لينغمسوا في الملذّات والحفلات الماجنة في أجواء من البذخ والشهوة. و واتو هنا يخلق إحساسا بالامتداد الواسع بين الغابة البعيدة...

الذيب سرْحان

صورة
في الوجدان الشعبي، كثيرا ما يقترن الذئب بهالة من الرومانسية والغموض. ولا أعرف شعبا يمتلئ تراثه بالإشارات والحِكَم التي تمجّد الذئب وتثني على "مناقبه وسجاياه" مثل العرب. وقد بلغ من إعجابهم بالذئب أنهم كانوا ولا زالوا يسمّون أبناءهم على اسمه، تيمّناً بهذا الحيوان الذي يرمز عندهم للشجاعة والفطنة والذكاء. وربّما لا ينافس العرب في ولعهم بالذئب وتقديرهم له سوى الهنود الحمر الذين ينسبون للذئب قدرات ميتافيزيقية خارقة. والذي يعرفه عامّة الناس هو أن الذئاب تنحدر من سلالة القطط والكلاب، وأنها - شأنها شأن غيرها من الحيوانات - عنصر مهمّ في دورة الحياة وفي عملية التوازن البيئي. لكن هناك من علماء البيئة من يذهب إلى أكثر من هذا. فهم يقولون مثلا أن الذئاب تسهم في إنقاذ العالم الفطري من آثار التصنيع والمدنية الحديثة، لأنها تحافظ على الغُدران والشلالات والينابيع. غير أن هذا كلّه لا ينفي حقيقة أن الذئب حيوان قاتل بل وخطير جدّا. وخطره لا يقتصر على الحيوانات الأليفة والمستأنسة، وإنما يشمل الإنسان أيضا. قبل أيّام شاهدت شريط فيديو يُظهِر عملية افتراس ذئب شرس لقطيع كامل من الغنم داخل حظيرة أقامها أصح...

أوليمبيا و مانيه

صورة
بلوحة واحدة وصادمة تصوّر مومساً في حالة استرخاء، دشّن إدوار مانيه العالم العاري والجريء للفنّ الحديث. لم تكن مثل أيّ سيّدة متخففة تمّ رسمها من قبل. لم تكون حوّاء في الجنّة أو فينوس على سرير من الأمواج. ولم تكن إلهة أو ملاكا أو امرأة تغتسل بخجل وتراها العين على حين غرّة. كانت امرأة معاصرة، لا تبدو خجولة أو مغطّاة، كما أنها ليست رمزا أو استعارة لشيء. كان اسمها فيكتورين موران . لكن إدوار مانيه كان يسمّيها اوليمبيا . وقد غيّرت كلّ شيء. للوهلة الأولى، قد يتساءل المرء عن سبب كلّ هذه الضجّة. مانيه كان يعتبر نفسه رسّام طبيعة صامتة. وربّما هذا هو السبب في أن أوليمبيا تبدو بمثل هذا الغموض الصامت. هي تتمدّد بهدوء، بدون ثياب وبشكل صارخ، لكنّها ترتدي زينة كلاسيكية. فهناك وشاح أسود حول رقبتها وفردة نعال واحدة في قدمها اليسرى. الفردة الأخرى انزلقت بلا مبالاة. في أذنها زهرة قرنفل. يدها مثبّتة فوق حضنها. الزوايا الخارجية لفمها مرفوعة قليلا وكأنها على وشك الابتسام أو السخرية. عيناها ناعستان. لكنّ وضعية جلوسها متنبّهة بما لا يدع مجالا للشكّ. قارن بينها وبين أي أيّ حورية ساخنة ومبتذلة من عصر الباروك ا...