الرحيل إلى سيثيرا
لم تحدث رحلة مثل هذه في الواقع. ولا الرسّام يحاول حملنا على الاعتقاد بأن الرحلة حدثت فعلا. التماثيل الكلاسيكية المطوّقة بالزهور، وكائنات كيوبيد الطائرة في منتصف الهواء، كلّها تبدو مثل عرض على خشبة مسرح. حركة العشّاق البطيئة، النسيم الذي يهفهف الأشجار، والضباب الذي يرحل فيه الرجال والنساء، تثير حالة شبيهة بالحزن الذي يعترينا عند الإحساس بانتهاء العطلة. ورغم أن طبيعة الحياة اليوم أصبحت مختلفة نوعا ما، إلا أن لوحة جان انطوان واتو الرحيل إلى سيثيرا تثير صدى بعيداً آتياً من وراء القرون. فهذه الجزيرة، أي سيثيرا، تقع في اليونان، وبالتحديد في أقصى جنوب البحر الأيوني. وهي محاطة بالجبال وترتفع عن سطح البحر بأكثر من ألف وستمائة قدم. وفي العصور القديمة ساد اعتقاد بأن هذه الجزيرة كانت المكان الذي ولدت فيه فينوس أو افرودايت إلهة الجمال. والرسّام يستلهم قصّة تلك الجزيرة ليصوّر الاحتفال الذي كان يحييه ارستقراطيّو فرنسا زمن الملك لويس الرابع عشر. كان أفراد النخبة يذهبون إلى الريف لينغمسوا في الملذّات والحفلات الماجنة في أجواء من البذخ والشهوة. و واتو هنا يخلق إحساسا بالامتداد الواسع بين الغابة البعيدة...