الانطباعية في موسيقى ديبوسي
تخيّل انك تقف على شاطئ البحر وتنظر إلى المياه الزرقاء والأمواج العملاقة التي تتكسّر متحوّلة إلى رذاذ ورغوة وأمواج صغيرة على الشاطئ. صورة مثل هذه هي مزيج من الهدوء والعنف والأناقة والقوّة الهائلة. مثل هذه الصور تتناسب تماما مع روح موسيقى المؤلّف الفرنسي كلود ديبوسي. وبالإمكان رؤيتها في نظرته إلى الطبيعة التي هي عنده غامضة وحالمة ومشعّة. وإذا كان الفنّانون الانطباعيون يُسمّون بـ "رسّامي الضوء"، فإن موسيقيين مثل ديبوسي كانوا يرسمون لوحات تعبّر عن مشاعر تفوق الوصف في عقل ونفس السامع. ديبوسي، بكلماته هو، كان يعبّر عمّا لا يمكن التعبير عنه. كان ديبوسي واحدا من أعظم الموسيقيين أصالة. وهناك من نقّاد الموسيقى من يصفونه بأنه رائد الموسيقى الانطباعية في العالم بلا منازع. وقد ألّف مجموعة كبيرة من القطع الموسيقية للبيانو تعبّر عن نظرته للطبيعة وتثير في ذهن السامع مشاهد متتالية من المناظر والصور الحيّة. موسيقى ديبوسي تتميّز بسحرها ونضارتها. وبعض قطعه تشبه في خفّتها وأثيريّتها رائحة عطر نادر وحميم. وقد كنت حتى وقت قريب أؤمن أن لا شيء في الموسيقى يمكن أن يكون أكثر فتنة وإثارة للراحة والسكينة...