المدن والذاكرة
إن كنت تبحث عن رواية تتضمّن حبكة أو خيوطا تُنسج حولها الأحداث فستُصاب على الأرجح بالإحباط وأنت تقرأ رواية "مدن الخيال" للكاتب الايطالي ايتالو كالفينو. أما إن كنت ممّن يستمتعون بوصف المَشاهد والأفكار غير العاديّة المنسوجة بالكلمات، فلا بدّ وأن تأسرك هذه الرواية وتثير اهتمامك. محاولات تصنيف رواية كالفينو غير مجدية. لكن يمكن القول إنها رواية سوريالية تنتمي إلى أدب ما بعد الحداثة. والرواية بأكملها هي نوع من قصص الفلكلور المبنيّة على سلسلة من المغامرات المثيرة والمشوّقة. يتألّف الكتاب من خمسة وخمسين وصفا لمدن مختلفة ضمن حوار فكري متخيّل بين كلّ من الرحّالة الايطالي ماركوبولو والإمبراطور المغولي قبلاي خان. وليس من الواضح ما إذا كانت هذه المدن حقيقية أم أنها مجرّد أوهام في عقل كلّ من الرجلين. والرواية لا تختلف عن أعمال أدبية رومانسية عديدة في كونها تصف قوّة الذاكرة والحنين إلى أماكن وأحداث تلاشت واختفت بفعل الزمن. وأنت تقرأ هذه الرواية، ربّما يتعيّن عليك أن تتوقّف بعد كل قصّة وأن تفكّر وتتأمّل الأسلوب الجميل للكاتب الذي يمزج في سرده بين الشعر والنثر الرفيع. والحقيقة أن الكثير من الق...