ديغا والحياة الحديثة
ما أن يُذكر اسم إدغار ديغا حتى تخطر في الذهن تابلوهاته الفخمة التي تصوّر فتيات صغيرات يتحرّكن كالفراشات وهنّ يتعلّمن فنّ رقص الباليه. كان ديغا محبّا لمظاهر الحياة الحديثة. وقد رسم النساء كثيرا في لوحاته، وخاصّة نساء الطبقة العاملة وهنّ يمارسن الأعمال المنزلية اليومية من غسيل وتنظيف وكوي وخلافه. وهؤلاء النساء لم يكنّ من طبقته هو. إذ كان محسوبا على الطبقة البورجوازية الباريسية آنذاك. ورسوماته عن الطبقات الاجتماعية والمهن والسلوكيات المرتبطة بها تُعتبر من بين أفضل الأعمال التشكيلية التي تؤرّخ لتلك الفترة، أي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. على المستوى الشخصي، كان ديغا شخصا عصبيّا. وكان يعاني من ضعف النظر لدرجة أنه كان يخاف من فقدانه بصره. لكن، وربّما لهذا السبب بالذات، كان متقبّلا للآخرين وذا حساسية عالية، بحسب ما كتبه عنه الكاتب والناقد الفنّي الفرنسي إدمون دو غونكور. كان ديغا يعرف طبيعته الصعبة. وقد اعترف ذات مرّة لزميله الرسّام بيير رينوار بقوله: لديّ عدوّ واحد رهيب لا يمكنني التوافق معه. هذا العدوّ، بطبيعة الحال، هو نفسي". وقد عَرف ديغا من خلال أولئك الذي...