سهرة مع السهروردي
بعض الشخصيات من عالم الإسلام الصوفيّ لن تندم على قضائك ساعات معها، تقرأ عن حياتها وتستمتع بأشعارها، وأثناء ذلك تلج إلى عصرها وتتأمّل عالم الأفكار والتصوّرات الذي أنتجته. والسهْرَوَرْدي، المولود في سهْرَوَرْد في مقاطعة زنجان من أعمال أذربيجان، هو احد تلك الشخصيات الملوّنة والمبهرة. وهو مشهور، خاصّة، بفلسفة الإشراق. ولهذا يلقّبه المؤلّفون الذين كتبوا عن سيرة حياته وأشعاره وعن مأساة موته بـ "حكيم الإشراق". وفلسفته تستند إلى فكرة مؤدّاها أن الله تعالى هو نور الأنوار ومصدر جميع الكائنات. وأنت تقرأ سيرة السهروردي ومأساة مقتله لن تجد فيها اختلافا كبيرا عن سيرة غيره من الشخصيات اللامعة التي انتهت نهايات مأساوية. في البدء يضيق به الحُسّاد والكارهون بعد أن يصبح قريبا من الملك أو السلطان الذي يصطفيه ويقرّبه لعلمه وفضله. ثم لا يلبث هؤلاء أن يشوّهوا صورته ويحرّضوا عليه العوامّ والدهماء وأنصاف العلماء كي يزيحوه عن طريقهم. في البداية، عندما وصل السهروردي إلى حلب قادما من العراق، رحّب به كبير علمائها الشيخ افتخار الدين واستقبله في قصره. وقد لمس فيه الشيخ علما ورجاحة عقل وحسن...