المشاركات

عرض المشاركات من مايو 6, 2012

ساراساتي: لحن غجري

صورة
الموسيقيّ الاسباني بابلو دي ساراساتي كان احد أعظم عازفي الكمان في تاريخ الموسيقى. وقد درس الموسيقى على يد والده وعمره لا يتجاوز الخمس سنوات. وعندما بلغ الثانية عشرة حصل على بعثة لدراسة الموسيقى في كونسيرفاتوار باريس. ألّف ساراساتي ما يربو على الخمسين عملا موسيقيا. وأشاد بمؤلّفاته بعض أشهر الموسيقيين في القرن التاسع عشر مثل سان سونس وجورج بيزيه. كما امتدحه الكاتب المسرحي الايرلندي برنارد شو وأثنى على براعته في عزف الكمان وقال إن بينه وبين النقّاد مسافة واسعة. موسيقى ساراساتي تغلب عليها النكهة الاسبانية الواضحة. وبعض ألحانه تذكّر إلى حدّ ما ببعض مقاطع أوبرا كارمن. أشهر أعماله هو القطعة المسمّاة "لحن غجري". وهذه الموسيقى لها اسم آخر اشتهرت به في ما بعد هو "تسيغونيرفايزن"، وهي كلمة تعني بالألمانية أغنية أو لحن غجري. وقد شاع الاسم الأخير اعتبارا من العام 1980 عندما استخدم المخرج الياباني سيجون سوزوكي هذا اللحن في فيلم له بنفس الاسم. المعروف أن هذه المقطوعة تحظى بشعبية كبيرة بين عازفي الكمان. وقد سُجّلت عددا لا يُحصى من المرّات وأدّاها عازفون كثر من أشهرهم ي...

الليدي غودايفا

صورة
امرأة متجردة تعتلي ظهر حصان. هل في هذا المنظر ما يسترعي انتباهك؟ عندما تتمعّن قليلا في تفاصيل اللوحة، سرعان ما ستكتشف أن صورة المرأة المتجردة فيها ليست ممّا يثير الغرائز أو يخدش الحياء. وحتى لو لم تكن على علم بقصّة اللوحة، سيساورك إحساس بأن ملامح المرأة الرزينة ورأسها المنكّس إلى أسفل ونظراتها المنكسرة تنمّ عن شعورها بالحرج والحياء وتوحي بأنها لم تختر هذا الموقف من تلقاء نفسها وإنما قد تكون دُفعت إليه دفعا ورغما عن إرادتها. الليدي غودايفا هي بطلة واحدة من أشهر الأساطير التي تناولها المؤرّخون والشعراء والفنّانون منذ ظهورها قبل أكثر من خمسمائة عام. ومن بين من تحدّثوا عنها كلّ من سيغموند فرويد والشاعر الفرد تينيسون والروائي دانيال ديفو. كما جسّدها العديد من الفنّانين مثل جون كالير وآدم فان نورت وجورج واتس، بالإضافة إلى النحّات جون توماس . الغريب أن الناس اعتادوا على أن ينفروا من صورة الأنثى المتجردة باعتبارها رمزا للعيب والخطيئة. ومع ذلك أصبحت غودايفا، وبرغم عريها، تجسيدا للبطولة والتواضع والتضحية والإحساس بالآم الناس ومعاناتهم. وطبقا للقصّة، فإن غودايفا، ومعنى الاسم هِبَة...

ميرزا غالب

صورة
"من الذي يملك عمرا كافيا ليتطلّع في طيّات شعرك؟! كلّ قطرة ندى تنتظر الموت عند وصول أشعّة الشمس. وأنا أيضا انتظر أن أتحرّر عندما ترمقينني بنظرة". "سمعنا عن طرد آدم من الجنّة. بمزيد من الإذلال سأرحل عن الشارع الذي تقيمين فيه". "في الحبّ، لا فرق بين الحياة والموت. نحيا على صورة الكافر الذي قد نموت لأجله". "أيّتها المستبدّة! سيعرفك الجميع إذا انزلقت خصلات شعري المجعّد من تحت عمامتي". بعض الشعراء يتحدّثون عن الثورة. وبعضهم الآخر عن تعاسة الحبّ. والبعض الثالث عن معنى الحياة. و ميرزا أسد الله خان غالب (1797-1869) يمكن اعتباره شاعر الجنون: جنون العشق، جنون الوجود، وجنون الفناء. ومحاولة الكتابة عن هذا الشاعر هي في حدّ ذاتها انتقاص من شعره وما يمثّله. وبعد قراءة شعره، سيبدو لك الكثير من الشعراء الآخرين باهتين مقارنة به. عالم غالب بوتقة حقيقية من المشاعر الإنسانية. وبقدر ما يطمح قارئه في أن يفهم شعره، بقدر ما يكتشف أن ذلك الشعر مثل العنقاء، غامض وبعيد المنال. بعض أشعاره بسيطة بشكل خادع. وهناك منها ما قد تأخذ منك أشهرا قبل أن تكشف لك عن أسرا...

عزف على الوتر الرابع

صورة
في عصر الباروك، أي الزمن الذي عاش فيه يوهان سيباستيان باخ، لم تكن الحياة سهلة أو مُريحة. لم تكن هناك أجهزة تدفئة أو راديو أو تلفزيون أو هاتف أو سيّارات أو طائرات. والقليلون فقط، أي أفراد الطبقة الارستقراطية، هم من كانوا يعيشون في راحة ويُسر. أما معظم الناس فكان عليهم أن يكدّوا ويكدحوا لساعات طوال يوميا كي يؤمّنوا عيشهم. الرعاية الطبّية كانت بدائية. والكثيرون كانوا يعانون تحت حكم الملوك والملكات والأباطرة. إذ لم تكن أفكار الحرّية والديمقراطية قد ظهرت بعد. في ذلك الوقت أيضا، كانت مهنة الموسيقيّ مختلفة عمّا هي عليه اليوم. كان هناك فقط نوعان من الوظائف الموسيقية: إما العمل للكنيسة أو العمل لدى الأسرة الحاكمة. وعندما تحصل على وظيفة موسيقيّ، لم يكن مسموحا لك بأن تتركها إلا بعد موافقة صاحب العمل. باخ، مثلا، ترك الخدمة في بلاط فيمار ليلتحق بوظيفة أخرى فتشاجر مع الدوق ثم أرسل إلى السجن ليمكث فيه شهرا. كانت تلك هي المرّة الوحيدة التي عرف فيها السجن. ولم يكن وقته في السجن ضائعا، بل استمرّ يؤلّف الموسيقى وهو رهن الاعتقال. عندما نتذكّر عصر الباروك فإننا نتحدّث عن فترة امتدّت من بداية ا...