نهر النسيان
لا أعرف مدى صحّة العبارة التي تقال أحيانا من أن الإنسان لم يُسمّ إنسانا إلا بسبب انه كثير النسيان. ولكنْ ممّا لا شكّ فيه أن النسيان يُعتبر صفة ملازمة للإنسان وجزءا لا يتجزّأ من طبيعته وتكوينه. وفي السنوات الأخيرة لاحظت أنني أصبحت أنسى كثيرا. والمشكلة أن مظاهر هذا النسيان كثيرة ومتعدّدة. يحدث أحيانا أن أقابل شخصا لأوّل مرّة فيعرّف كل منّا نفسه بالآخر. لكن ما أن أقابل نفس الشخص بعد بضعة أيّام حتى أقع في الحرج عندما اكتشف أنني نسيت اسمه. وقبل أيّام كنت في زيارة لموظّف بإحدى الشركات الخدمية. وبعد أن غادرت مكتبه ووصلت إلى سيّارتي، اكتشفت أنني نسيت هاتفي المحمول عنده. وكنت متأكّدا من أنني تركت الهاتف في مكان ما على مكتبه لأنني تذكّرت أنني أجريت آخر مكالمة وأنا جالس هناك. وعندما عدت إليه لأساله ما إذا كان قد رأى الهاتف، أجاب بالنفي. ومع ذلك بحث على المكتب وفتّش كثيرا بين الأوراق فلم يجد شيئا. ثم قال: عندي فكرة. كم رقم هاتفك حتى اتصل به من هاتفي لنستدلّ على مكانه؟ قلت وأنا اشعر ببعض الحرج: للأسف لا أحفظ الرقم. ضحك من ردّي ثم قال بأدب: بسيطة، لست وحدك من لا يتذكّر رقم هاتفه. لكنْ هناك حلّ آخر، ...