في مديح الضَّياع
الحبّ والحكمة والإلهام أشياء يَجهد كلّ إنسان في العثور عليها في هذه الحياة. وهي لا تتأتّى في الغالب إلا عندما توسّع حدود ذاتك وترتاد مناطق مجهولة، وعندها فقط يمكن أن تتحوّل إلى شخص آخر. في كتابها "دليل ميدانيّ للضياع"، تذكر الكاتبة الأمريكية ريبيكا سولنيت أنها قضت حياتها كلّها ضائعة. "أن لا تضيع يعني أن لا تعيش". والمؤلّفة تعطيك خارطة ثم تطلب منك أن تتجاهلها كي تتعلّم كيف تعيش في حالات انعدام اليقين. "أن تكون ضائعا أو تشعر بالضياع أمر يدفعك لأن تخطّط مسبقا، لأن تتوقّع، وأن تسيطر على أحداث الحياة بأيّ ثمن. لكن الضياع أحيانا يمكن أن يكون الطريقة الوحيدة لتحقيق الذات والانجاز". وسولنيت تأخذ القارئ عبر طبقات متعدّدة من المعاني والاستعارات والأفكار والقصص المشوّقة التي تتلاقى وتتقاطع كالأعشاب على ضفّتي نهر. وكتابها يتناول أسئلة الهويّة والوعي، انطلاقا من الشعار القائل: كي تجد طريقك ينبغي أن تضيع أوّلا وتستسلم للصُّدف". والكاتبة في سردها تنسج قماشا متعدّد الألوان والأنماط، تستكشف من خلاله ذكريات سنواتها المبكّرة وتعلّق على الكتب واللوحات وا...