المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر 3, 2024

أسطورة قديمة

صورة
فكرة التسبّب بأشياء أو حوادث سيّئة للناس بمجرّد النظر إليهم بطريقة معيّنة فكرة شائعة في العديد من الثقافات والحكايات القديمة. وإلى ما قبل بضع مئات من السنين، كان الناس يظنّون أننا نرى الأشياء عندما نعكس عليها وهجاً من عيوننا، وليس بفعل الضوء المنعكس عن الأشياء إلى العين، كما أثبت العلم. وفكرة "النظرة القاتلة" موجودة في الأدب والاساطير منذ القدم، وربّما كانت أصل الاعتقاد بالعين الحاسدة أو الشرّيرة. "ميدوسا"، مثلا، كانت تحوّل أيّ شخص ينظر إليها إلى حجر. وهناك أيضا البازيليسك وهو مخلوق أسطوري آخر قيل إن بإمكانه أن يقتل أيّ إنسان بنظرة واحدة من عينيه. وهذا الوحش الزاحف موضوع للكثير من الحكايات حول العالم التي يمكن أن يقرأها الكبار والصغار. والكتّاب المعاصرون يستخدمون قصصه للتعمّق في موضوعات الخوف والسيطرة وطبيعة الشرّ وتعقيدات السلوك البشري والطبيعة المدمّرة التي تنتج عن الطموح المفرط وعواقب ممارسة القوّة دون مسؤولية. وقد اخترت موضوعا لهذه التدوينة إحدى تلك الحكايات الشعبية التي تُروى عن البازيليسك، بعد ترجمتها واختصارها قدر الإمكان. تدور القصّة في العصور ا...

خواطر في الأدب والفن

صورة
في سالف الزمان، كانت هناك قبيلتان، إحداهما تعيش في أرضٍ سهلية والأخرى تعيش في أعالي الجبال. وفي أحد الأيّام، غزا سكّان الجبال سكّان السهول. وكجزء من نهبهم لجيرانهم، اختطفوا طفلاً رضيعا من إحدى عائلات السهول وأخذوه معهم إلى الجبال. ولم يكن سكّان السهول يعرفون كيفية تسلّق الجبال. ولم يكونوا على علم بأيّ من المسارات التي يستخدمها سكّان الجبال، ولم يكونوا يعرفون أين يمكن أن يجدوهم أو كيف يتعقبّونهم في التضاريس الشديدة الانحدار. ومع ذلك، أرسلوا أفضل مقاتليهم لتسلّق الجبال والبحث عن الطفل وإعادته إلى أهله. حاول الرجال أوّلاً استخدام طريقة واحدة للتسلّق، ثم طريقة أخرى. وحاولوا تجربة مسار واحد ثم مسار آخر. لكن بعد عدّة أيّام من الجهد المُضني، لم يتمكّنوا من تسلّق أكثر من عدّة مئات من الأقدام. لذا شعر رجال السهول باليأس والعجز واقتنعوا بأن قضيّتهم خاسرة واستعدّوا للعودة إلى قريتهم في الأسفل. وبينما كانوا يتأهبّون للنزول، رأوا والدة الطفل تنزل من الجبال وتمشي وراءهم، فأدركوا أنها آتية من الجبل الذي شقّ عليهم تسلّقه. ثم رأوا أنها تحمل الطفل المخطوف على ظهرها، وتساءلوا كيف يمكن أن يحدث...

خواطر في الأدب والفن

صورة
تقول كريستين كين: في بعض الأحيان عندما تكون في مكان مظلم قد تشعر وكأنك دُفنت، بينما في الحقيقة أنك زُرعت". وهذه المقولة تنطوي على حقيقة عميقة عن المشقّة ومكابدة الحياة. فعندما نمرّ بأوقات عصيبة، قد نشعر وكأننا محاصرون في الظلام بلا أمل أو مخرج، بينما أن ما يبدو وكأنه دفن في الظلمة قد يكون في الواقع غرسا أو فرصة للنموّ والنضج. المكان المظلم يشعرنا غالبا بالرهبة وعدم القدرة على تلمّس طريق يمكن أن يقودنا الى الأمام. ويمكن أن يكون الظلام خانقا ولا مفرّ منه، وكأننا دُفنّا أحياء. وعلى الرغم من أنه قد يُشعرنا بالاختناق أو الضيق وكأننا "دُفنّا"، إلا أننا في الواقع "زُرِعنا". بمعنى أن الصعوبات التي واجهتنا خلقت أرضا خصبة للتطوّر الشخصي. وكوننا "مُغروسين" أمر ينطوي على إمكانات. فالبذرة التي تُزرع في التربة قد لا ترى ضوء الشمس بعد، لكنها تحتوي بداخلها على إمكانية الإنبات والتحوّل إلى شيء جديد. حتى في أحلك لحظاتنا، نحمل بداخلنا بذور النموّ والتغيير. لذا، بدلاً من النظر إلى كفاحنا باعتباره دفناً دائما، يمكننا اختيار النظر إليه باعتباره غرسا أساسيا يسمح ...

سينما ياسوجيرو أوزو

صورة
فلسفة التسامي حاضرة في الفنّ منذ زمن بعيد. وتعبيراتها تشمل الكتب المقدّسة والأيقونات الرومانية والمنحوتات الإغريقية وحدائق الزِن وغيرها. ومع ذلك، قد يبدو تعبير التسامي في السينما مستغربا الى حدّ ما، على أساس أن السينما فنّ دنيويّ في الاساس. مفردة التسامي نفسها ملتبسة. لكنها، في معناها العام، تشير الى الارتقاء إلى أفق أبعد، كالارتباط العميق بالآخرين أو بالطبيعة. ويمكن أن تعني الاقتراب من الله أو من أيّ نوع من القوى الخارقة. وهناك من يرى ان الأسلوب المتسامي يمكن أن يعبّر عن حالة روحية من خلال السرد المثير للذكريات والارتباطات والتصرّفات الخالية من الوعي الذاتي. بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ صنّاع الأفلام يدركون الإمكانات الحقيقية للفيلم الزمني. فقد افترضوا أنه مثلما يمكن لفيلم الحركة أن يخلق تشويقا، فإن السينما الزمنية "أو المتسامية" يمكن أن تُلهم حالة من الاستبطان والتأمّل الذاتي، باستخدام بعض الجماليات كالموسيقى التصويرية البسيطة واللقطات الطويلة والبطيئة والإطارات الثابتة ونسَب الشاشة والألوان المعدّلة والزوايا الواسعة وخلافها. والفيلم المتسامي، بتصويره للحياة الي...