عشاء مع بيرسيفوني
اليونان، بالنسبة للكثيرين، هي أرض ضائعة في الزمن. كلمة اليونان تستحضر صور البارثينون الذي تلوح أعمدته الرخامية ومبانيه البيضاء الخالدة في الأفق، والجزر التي يربو عددها على الألفي جزيرة والتي تومض على خلفية من زرقة وصفاء البحر المتوسط. عندما كنت طفلة، كانت اليونان أكثر واقعية بالنسبة لي من أمريكا حيث نشأت. وكان أوّل كتاب أحببته عبارة عن كنز مخبّأ في عُلبة. كان كتاب أطفال من القرن التاسع عشر بغلاف أزرق وذهبي. وكان يحتوي على قصص لـ هوميروس كُتبت في شكل نثر تنبّؤي يخالطه بعض الهزل. قرأت ذلك الكتاب مرارا وتكرارا، وأجفلت عندما اختار باريس أن يعطي التفّاحة الذهبية لـ أفرودايت مفضّلا الجمال على عرض هيرا له بالسلطة وعرض أثينا بالحكمة. وقلت في نفسي: لو انه اختار الحكمة لضمن السلطة والجمال أيضا. كنت بالتأكيد منجذبة للجوانب الجوهرية من اليونان، على غرار أولئك المفتونين بها والذين يسافرون إليها عبر الزمن. لكي ترى البلد وتجرّبه وتطّلع على ثقافته، يتعيّن عليك أن تنتقل عبر القرون بمرونة وسرعة. كانت مفاهيم علم الآثار والحفريات أمرا مهمّا للغاية بالنسبة لي. وكانت اليونان بعالمها القدي...