نصوص مترجمة
أحيانا نميل إلى اعتبار الإرهاب ظاهرةً خاصّة بعصرنا. ومع ذلك، فقد قُدّمت شخصيات روّاد الإرهاب المعاصر، أي الفوضويين والعدميين، في الأدب الروائي قبل نشوب أيّ من الحربين العالميتين. فروايتا" الشياطين" لفيدور دوستويفسكي "1871" و"العميل السرّي" لجوزيف كونراد "1907"، وهما من روائع الروايات الحديثة المبكّرة، تتناولان الثوّار السرّيين. وتشكّل رؤى هذين الكاتبين قراءة شيّقة لكلّ من يواجه صعوبة في فهم الفظائع العشوائية والعقلية الكامنة وراءها. غير أن الروايتين متناقضتان تماما في بعض الجوانب. فـ "الشياطين "تتّسم بطابعها الحادّ الذي يتأرجح بين الكابوس والمرح، بينما تتسم "العميل السرّي" بنبرة أكثر رصانة وكآبة. وشخصيات "الشياطين" أكثر وقصّتها أطول بكثير من سرد كونراد الأكثر تركيزا. لكن ما يجمع الروايتين هو أنهما تُصدران حكما قاسيا على من يسعون إلى اختصار طريق التغيير المجتمعي عبر العنف. وثوّار دوستويفسكي وكونراد مختلّون عقليّا ومنبوذون ومنقطعون عن الدراسة ومبذّرون وأرواحهم تائهة وعملهم لا يثمر خيرا. والروايتان مأساويتان،...