المشاركات

عرض المشاركات من فبراير 11, 2018

داخل الإطار الأصفر

صورة
عرفتُ مجلّة ناشيونال جيوغرافيك لأوّل مرّة قبل أكثر من عشرين عاما عند بعض الزملاء ممّن لهم اهتمامات بيئية وعلمية. وكانت تُرسل لهم أعداد المجلّة مطلع كلّ شهر من خلال الاشتراك. كانت المجلّة تتميّز بإخراجها الأنيق وورقها المصقول وصورها اللامعة التي تشي بقدر كبير من الإتقان والاحترافية. أما من ناحية المضمون فكان واضحا نأي المجلّة بنفسها عن السياسة وتركيزها على كلّ ما له علاقة بالآثار والسفر والتاريخ والطبيعة وما إلى ذلك. لكن كيف ظهرت فكرة الناشيونال جيوغرافيك؟ في عام 1888، عُقد في واشنطن اجتماع ضمّ ثلاثة وثلاثين شخصا بينهم مستكشفون ومعلّمون ومؤرّخون ومحامون ورحّالة ورسّامو خرائط وعلماء آثار. وكان ما يجمع هؤلاء هو اهتمامهم بالمعرفة العلمية والجغرافية، وكذلك اقتناعهم بأن الأمريكيين وبقيّة شعوب العالم توّاقون لمعرفة المزيد عن أحوال العالم من حولهم في زمن الاكتشافات والتغييرات الكثيرة. ولم يكن في مخيّلة أولئك المجتمعين انه بموافقتهم على تأسيس الجمعية الجغرافية الأمريكية فإنهم كانوا يضعون البذرة الأولى لمشروع ثقافيّ طموح سيكون مصدر إلهام للأجيال التالية وعلى مدى أكثر من قرن. وب...

أطفال الإنسانية

صورة
"الهمجيّ النبيل" فكرة تشير إلى الإنسان الطبيعي الذي لم تمسسه التأثيرات المُفسدة والسيّئة للحضارة. وتقوم الفكرة على اعتقاد مؤدّاه أن البشر طيّبون في الأساس، لكنهم يكتسبون دوافعهم الشرّيرة وتصرّفاتهم الضارّة نتيجة اختلاطهم بالحضارة الحديثة. كان انكيدو، احد أبطال ملحمة غلغامش، واحدا من النماذج الأولى للهمجيّ النبيل. فقد كان شخصا متوحّشا، لكنه في نفس الوقت كان إنسانا طيّبا عاش في تناغم ووئام مع الحيوانات والطبيعة. وفي الأدب الدينيّ كثيرا ما يُصوَّر الانسحاب من المجتمع، وخاصّة من المدن، على انه فعل حسَن وذو تأثير ايجابيّ على التطوّر الروحيّ والأخلاقيّ للإنسان. ويقال إن فكرة الهمجيّ النبيل تعود إلى اليونان القديمة، عندما رسم هوميروس صورة مثالية عن سكّان اركاديا. وكذلك فعل الكتّاب الرومان، مثل فرجيل وأوفيد، اللذين تحدّثا عن أهل سيثيا البدائيين بشيء من الحنين والرومانسية. وفي القرنين السادس عشر والسابع عشر، امتلأ الأدب الغربيّ بالحديث عن الهمجيّ الطيّب، للتدليل على فساد الحضارة وتخريبها للإنسان. في البداية، لم تكن لفظة الهمجيّ ذات حمولة سلبية وتدلّ على القسوة والتوحّش ...

عوالم الأويغور

صورة
من أهمّ الرموز الثقافية عند شعب الأويغور الشاعر الراحل روزي سعيد الذي تعكس أشعاره نضال الفلاحين من أبناء قومه. وقد فهم هذا الشاعر، ربّما أكثر من أيّ مثقّف اويغوري آخر، طبيعة الحياة القاسية للفلاحين الذين كانوا يعملون في مزارع الدولة الصينية في ستّينات القرن الماضي. كان سعيد شاعرا مشهورا وإنسانا محافظا وملتزما بالقيم الريفية. وفي إحدى قصائده المعروفة، يشير إلى ما يعتقد انه الدور الذي يليق بشعبه أن يلعبه، مؤكّدا على التمسّك بالجذور والأصالة. يقول في قصيدته: ليس إنسانا من يتنكّر لأصله. وليس إنسانا من يشعر بالخزي من صديقه. القيمة الحقيقية لإنسانية المرء تكمن في حفظه لوعوده. ومن يتنكّر لوعده ليس إنسانا. لا تربط مصيرك بكذّاب، ولا تسافر مع شخص يشعر بالأنفة منك. هذا العالم الجميل يشبه الجنّة بالنسبة للناس الطيّبين، لأن أفعال الأخيار هي التي صنعته. من يظلم الناس ليس إنسانا. وليس إنسانا أيضا من يتباهى بطائفيّته وجهله". ومن الشخصيات المعاصرة الأخرى التي يحترمها الأويغور طاهر حمود، وهو شاعر ومخرج سينمائيّ وأستاذ للفنون. في بعض قصائده، يعبّر حمود عن ارتباطه بالأماكن التي أتى من...