المشاركات

عرض المشاركات من مايو 11, 2025

خواطر في الأدب والفن

صورة
لم يكن المصوّر الفوتوغرافي جون بلاكمور (1955 - 2010) يهتمّ بتصوير تضاريس المنظر الطبيعي، بل سعى بدلا من ذلك إلى نقل الإحساس بالطاقة والديناميكية الكامنة في المشهد الطبيعي وتأثيراته والشعور الروحي بالمكان. وكان يفضّل أن يُنظَر إليه كصانع صور وليس كمصوّر فوتوغرافي، ولهذا السبب أصبح أستاذا بارعا في حرفة التصوير الفوتوغرافي أحاديّ اللون. في صور بلاكمور هناك دائما شعور بالاستكشاف وعلاقة معمّقة مع الموضوع. وبالنسبة له فإن أيّ شيء قد يُثير الدهشة ويُحفّز على البحث، من الأشواك في حديقة مهملة إلى آنية من أزهار الزنبق أو النرجس الخ. وقبل أن يلتقط صورة، كان يجلس مغمض العينين لعشرين دقيقة تقريبا، يسمح لنفسه أثناءها بالشعور بملامسة الأرض وسماع أصوات الطبيعة التي لا تُحصى والإحساس بحركة الهواء والنموّ الطفيلي للطحالب والتحام الأشجار والصخور. وكان لهذا هدفان: التناغم مع المكان وتبديد أيّ تصوّرات مسبقة عن الصور التي يمكن التقاطها. صُوَر بلاكمور شخصية ومكثّفة مع صدى شعري وجمال خاص، كمثل تصويره جروح الأشجار على اللحاء المثقوب والمشوّه والأغصان المتشابكة والمعقّدة والأشجار العارية التي تحتضر ...

رمزية الماء

صورة
لعبت الأنهار عبر التاريخ دورا مهمّا في تشكيل ثقافات العالم وكانت مصدرا للحياة والعيش على الأرض. والعديد من الحضارات القديمة، مثل مصر وبلاد ما بين النهرين، استقرّت على ضفاف الأنهار مثل النيل ودجلة والفرات، مستغلّةً قوّتها ومواردها. وفي الكثير من الثقافات، يُعتقد أن الأنهار مقدّسة وتسكنها آلهة أو أرواح قويّة. وغالبا ما ترتبط بالخلق والخصوبة والتطهير. على سبيل المثال، في الأساطير الهندوسية، يُعتبر نهر الغانج إلها يحظى بالتبجيل لخصائصه المطهّرة. كلمة نهر، أو "river" بالإنغليزية، مشتقّة من rivus"" اليونانية التي تعني الانقسام او الانفصال. والمعنى لا ينصرف للجيولوجيا فقط، بل يمتدّ لعالم الاساطير والرموز. فإذا كان النهر يقسم الأرض حرفيّا ويخلق حُفَرا وأخاديد وودياناً، فإنه أيضا يفصل العالم الذي نعيش فيه عن عالم الأموات. وبناءً عليه، فالنهر لا يهب الحياة فقط، بل يذكّرنا أيضا بدورة الطبيعة وبالتغيير الذي يؤدّي إلى الموت. وفي كلّ أدبيّات الأديان تقريبا، هناك دائما عنصر "نهر"، في عالم ما بعد الحياة. في البوذية الصينية مثلا، عندما يغادر الإنسان هذه الحيا...

خواطر في الأدب والفن

صورة
ذات مرّة طرح كاتب على قرّائه السؤال التالي: إذا سقطت شجرة في غابة لا يوجد بها بشر، فهل سيكون هناك أيّ صوت؟". ثم أجاب على السؤال بقوله: لا، لأن الصوت هو الإحساس الذي تثيره الأذن عندما يتمّ تحريك الهواء أو أيّ وسيط آخر". ثم أثار كاتب آخر الجانب الفنّي لهذا السؤال بينما أغفل الجانب الفلسفي عندما طرح السؤال بصيغة مختلفة قليلاً: إذا سقطت شجرة على جزيرة غير مأهولة، فهل سيكون هناك أيّ صوت؟" وأعطى إجابة أكثر تقنيةً بقوله: الصوت هو اهتزاز ينتقل إلى حواسّنا من خلال آليّة الأذن، ولا يتمّ التعرّف عليه كصوت إلا في مراكز أعصابنا. سيؤدّي سقوط الشجرة أو أيّ اضطراب آخر إلى إحداث اهتزاز في الهواء. وإذا لم تكن هناك آذان تسمع، فلن يكون هناك صوت". في إحدى جولات آينشتاين اليومية مع زميل له، توقّف فجأة والتفتَ إلى الزميل قائلا: هل تعتقد حقّا أن القمر موجود فقط إذا نظرت إليه؟". هل يمكن لشيء أن يوجد دون أن يُدرَك بالوعي؟ وهل الصوت لا يكون صوتا إلا إذا سمعه شخص ما؟! الموضوع الفلسفي الذي يطرحه السؤال يتعلّق بوجود الشجرة "والصوت الذي تنتجه" خارج الإدراك البشري. فإ...