رباعيّة السلمون
الأفكار والحالات والمواقف التي تصوّرها الموسيقى لا تعرف حدودا. هل يمكن مثلا أن يدور بخلد أحد أن تكون حركة سمكة صغيرة في مياه إحدى البحيرات موضوعا لقطعة موسيقية كُتب لها في ما بعد أن تصبح إحدى أشهر المعزوفات الكلاسيكية وأكثرها انتشارا؟ ألّف فرانز شوبيرت موسيقاه المسمّاة رباعية السلمون، أو رباعية البيانو كما تُسمّى أحيانا، في العام 1819 وهو لم يتجاوز بعد الثانية والعشرين من عمره. وقد باشر تلك المهمّة بناءً على طلب احد أصدقائه الذي روى له قصّة سمكة سلمون صغيرة رآها ذات يوم في الماء وهي تحاول جاهدة الإفلات بخفّة وبراعة من شباك احد الصيّادين. كان شوبيرت احد أشهر موسيقيّي العصر الرومانسي. وكان يُلقّب بالطفل المعجزة بعد أن ظهرت بوادر عبقريته وهو بعد في سنّ مبكرة. وقد قيل انه كان ما أن يلمس شيئا حتى يتحوّل إلى أغان وموسيقى. وكان أوّل أعماله التي لاقت استحسانا كبيرا هو موسيقاه التي ألّفها لمسرحية فاوست لـ غوته. ولد فرانز شوبيرت لعائلة من الطبقة الوسطى. وقد عهد به والده إلى عدد من الأساتذة الذين علّموه العزف على البيانو والكمان. لكنه في النهاية استطاع منافستهم بل والتفوّق عليهم بفضل موهبته...