المشاركات

عرض المشاركات من مارس 1, 2009

رسّام الفقراء

صورة
عند الحديث عن الفنّ الأوروبّي، فإنه من السهل جدّا أن ننشغل بأعمال فنّانين من ايطاليا وفرنسا وألمانيا وهولندا وانكلترا، لدرجة أننا قد ننسى رسّامي معظم البلدان الأخرى. لكنّ هناك رسّامين عظاما ومؤثّرين ظهروا في أرجاء مختلفة من القارّة. ومع ذلك لا يكاد احد اليوم يتذكّرهم أو يشير إلى أعمالهم. وربّما تكون اسبانيا البلد الأكثر عرضة للتجاهل. نحن مثلا نعرف إل غريكو "رغم انه لم يكن اسبانيا أصلا". ونعرف فيلاسكيز. ونعرف بيكاسو، رغم أننا نربطه غالبا بفرنسا. ولو فكّرنا في غير هؤلاء فسنتذكّر دالي وميرو. تاريخ الرسم الاسباني يمتدّ لأكثر من خمس مائة سنة. ومع ذلك يمكن عدّ الفنّانين المعروفين من هذا البلد على أصابع اليد الواحدة. ولكي نوسّع العدد قليلا، لنتذكّر رسّاما اسبانيّا لا يقلّ أهمّية عن أيّ من الفنّانين الذين وردت أسماؤهم آنفا. اسم هذا الرسّام بارتولومي موريللو . لم يعش موريللو حياة صاخبة أو مثيرة. والمعروف انه ولد حوالي عام 1617 في اشبيلية. وقد شاء له سوء حظّه أن يجرّب حياة اليُتم وهو في سنّ العاشرة. لكنّ هذا العامل خدم موريللو من حيث لا يتوقّع وأحدث تغييرا جذريا في حياته. فبعد وفاة أب...

التغيير قانون حياة

صورة
من العبارات المشهورة المنسوبة للفيلسوف اليوناني القديم هيراكليتوس قوله: لا يمكن أن نخطو في نفس النهر مرّتين". والمعنى الكامن في هذه العبارة هو أن كلّ شيء في هذه الحياة مآله إلى التغيّر والتبدّل المستمرّ. فمياه النهر في حال تدفّق وفيضان دائم. وماء النهر في هذه اللحظة هو غيره بعد دقيقة او حتّى بعد ثانية. إن الإنسان لا يستطيع أن يخطو في نفس النهر مرّتين. لأن النهر في المرّة الثانية سيكون قد تغيّر وتبدّل ولا يعود هو نفسه. لكن يمكن أن ينصرف معنى العبارة أيضا إلى أن الإنسان نفسه في حالة تغيّر دائم. فأنت الآن غير ما ستكون عليه بعد لحظات. المشاعر والأحاسيس والافكار تتغيّر باستمرار وهذا من طبيعة الإنسان. ولا يبتعد كثيرا عن هذا المعنى قول آخر منسوب الى الكاتب المشهور إسحاق ازيموف رائد روايات الخيال العلمي إذ يقول: التغيير هو الثابت الوحيد في هذه الحياة". التغيير أمر مهم، قانون حياة، بل وعنصر مركزي في حركة الكون وما يضمّه من مخلوقات وموجودات. والتغيير مرتبط دائما بالنموّ وبالإبداع. إذ لا إبداع بلا تغيير أو تجديد. وكثير من مظاهر إبداع الإنسان في المجالات المختلفة لم تتحقق إلا من خلال تغي...

نبوءات لاو تسو

صورة
إذا أردت أن تعرف شيئا عن الصين وعن الحضارة الصينية فلا بدّ وأن تقرأ كتاب الطاو لـ لاو تسو. فالفلسفة الطاويّة التي وضع لاو تعاليمها قبل أكثر من ألفي عام متغلغلة في كل شيء في تلك البلاد؛ في السياسة كما في الثقافة والتراث والدين والفنّ والأدب والطبّ والأساطير.. إلى آخره. وكتاب الطاو صغير جدّا في حجمه ويمكن للقارئ المستعجل أن يقرأه في اقلّ من ساعتين. لكنْ بالنسبة للقارئ المتمعّن قد تستغرق قراءته وقتا أطول بكثير. فهو مليء بالإشارات المركّبة والجمل والرموز العميقة في مضمونها ومعناها. ويحسن أن ُيقرأ هذا الكتاب بكثير من التركيز والتامّل. عاش لاو تسو حوالي العام 2500 قبل الميلاد. ويقال انه عاصر كونفوشيوس، لكن الرجلين لم يكونا على وفاق. كونفوشيوس كان يريد تنظيم الدولة والمجتمع من خلال القوانين. لكن لاو وأتباعه كانوا يرون في العزلة والتامّل في الطبيعة الأسلوب الأمثل لفهم الحياة والناس. والكونفوشية كفلسفة تهتمّ في الأساس بسلوك الإنسان في حياته اليومية. بينما الطاوية ذات طبيعة فردانية وصوفية. وهي تركّز على الجوانب الروحانية وعلى الطبيعة وأثرها في السلوك البشري. وقصّة تدوين كتاب الطاو لا تخلو من طرا...