خواطر في الأدب والفن
لغة الفنّ في بعض الأحيان غامضة. وقد تبدو التلميحات، التي تأخذ هيئة زهور وفواكه وحيوانات وأشياء أخرى، واضحة للعيان، إلا أن معناها لا يُفهم إلا إذا عرفتَ الإشارات التي تبحث عنها. وإحدى متع النظر إلى الفنّ هي اكتشاف نيّة خفيّة في اللوحة، لا تظهر إلا بعد تحديد رموزها وفكّ طلاسمها. خذ الليمون مثلا. لطالما كانت هذه الفاكهة موضوعا جذّابا للرسّامين نظرا لقدرتها على لعب دور مزدوج. فالليمون ممتلئ ونابض بالحياة من الخارج، ولكنه يحمل في طيّاته مرارة لاذعة وشيئا من اللذّة في الوقت نفسه. لذا فإن وجود الليمون في لوحة فنّية ينبغي أن ينبّهنا إلى فكرتين متعارضتين: أن الحياة قد تكون رائعة وطريّة، ولكنها قد تكون أيضا مشبعة بالمرارة. وللتأكيد على هذه النقطة، غالبا ما يصوَّر الليمون في الرسم وهو شبه مقشَّر، حيث يتلوّى قشره على حافّة طبق لامع، كما في لوحات بعض الرسّامين الهولنديين القدامى. كانت رسومات الطبيعة الصامتة الهولندية تفضّل الليمون كموضوع رئيس. ويبدو أن هذه الفاكهة كانت رائجة ومطلوبة في المجتمع الهولنديّ في القرن السابع عشر، ما جعلها نادرة ومألوفة في آن. ولأن الليمون غريب بما يكفي، فقد ك...