أساطير الصحراء
تحمل الصحراء دهشة الواحات الخضراء ووعدا بالأسرار الكامنة وراء حُجُبها، وتخيّم عليها أساطيرُ القوافل التي لم تعُد والجيوش التي ابتلعها صمتها والمدن الشاسعة المدفونة تحت الرمال. وبينما لا ترى العين من الصحراء سوى القليل، فإن أكثر الأشياء إثارةً للرعب فيها هي تلك التي سمعتها الأذن: موسيقى تتسلّل من تحت حوافّ الكثبان الرملية، أصوات ساخرة أو فاتنة تنادي مشردّي القوافل، قرع طبول شبحية واشتباكات بالأسلحة تُسمع من بعيد. إن أيّ مسح لصحارى التاريخ يكشف عن العجائب. هناك، كلّ رجل يقاتل أخاه، ومع ذلك في كلّ خيمة الجميع آمنون، رجال القبائل الملثّمون يجوبون القفار، جماعات المهرّبين المتخفّين يجتازونها عبر مفازات مهجورة، النسّاك يذبلون ببطء في زنازين الصخر، المتشدّدون يجوبون الهضاب، الحباري والجمال البرّية تظهر في الأفق الغامض، وبقايا شعوب منسيّة تجوب الأرض التي تحته. الأساطير أنجزت الكثير بأقلّ جهد. يحدث أحيانا أن يرى المسافرون العطشى فجأة بحيرات ماء تتلألأ في الأفق، تحيط بها أشجار النخيل وتنعكس فيها صور المعابد. الرحّالة الڤينيسي ماركو بولو، مثلا، دوّن الكثير من تقاليد الأماكن المهجور...