:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الخميس، مايو 22، 2025

خواطر في الأدب والفن


  • في مرحلة ما من حياة أيّ إنسان، قد يرغب في التخفّف من وظيفة مملّة أو علاقة سامّة أو التخلّي عن عالم غالباً ما نفقد فيه السيطرة على ما يحدث لنا. ربّما لهذه الأسباب، أصبحت الثقافة المعاصرة مهووسة بفكرة تجاوز حدود هذا العالم بحثاً عن هواء نقيّ ومنعش من عالم آخر. وسواءً تحقّقَ ذلك عن طريق كبسولة حمراء أو خزانة ملابس سرّية أو مرآة أو حتى جُحر أرنب، فإن ذلك لا يهمّ حقّا، فقد نقبل به.
    وهناك لحظات نقف فيها أمام الأبواب، أحيانا نُمسك بمقبض غير مناسب، أو بمزلاج صدئ، أو نرى مجرّد ثقب مفتاح معوّج. الأبواب العالية والغامضة التي تلوح في الأفق فوقنا تثير فينا تأمّلات كثيرة وتُطلق العنان لدوّامة من الأسئلة. وقد استُخدمت الأبواب في العديد من القصص كمنافذ إلى عوالم من الدهشة والانبهار.
    فكّر مليّا فيما تعلّمته، وفي الأسئلة التي كانت تراودك حول عالمك. وستدرك أن الإجابات كانت متناثرة على طول درب الحياة. في قصّة "أليس في بلاد العجائب"، كانت هناك أبواب في جميع أنحاء القاعة، لكنها كانت جميعها مغلقة. وعندما كانت أليس تنزل من جانب واحد وتصعد من الجانب الآخر، محاولةً فتح كلّ باب، مشت حزينة في المنتصف وهي تتساءل إن كانت ستتمكّن من الخروج مرّة أخرى.
    ثم فتحتْ باباً ووجدت أنه يؤدّي إلى ممرّ صغير لا يختلف كثيرا عن جحر الفأر، فانحنت ونظرت على طول الممرّ ولمحت أجمل حديقة رأتها عيناها على الإطلاق. كانت تتوق للخروج من تلك القاعة المظلمة والتجوّل بين أحواض الزهور الزاهية والنوافير الباردة، لكنها لم تتمكّن حتى من إخراج رأسها. ولم يكن هناك فائدة من الانتظار عند الباب الصغير، لذا عادت إلى الطاولة على أمل أن تجد مفتاحا آخر.
    يقول مورفيوس لـ نيو في فيلم "ميتريكس": تناول الحبّة الزرقاء وتنتهي القصّة، أو تناول الحبّة الحمراء وتبقى في بلاد العجائب، وسأريك مدى عمق جُحر الأرنب". لم يكن "نيو" يعرف ذاته الحقيقية الأصغر سنّاً، بل كان عالقا في فخّ المصفوفة.
    نحن و"أليس" نبحث عن الأطفال المحاصرين داخل أنفسنا؛ عن استعارات تفتح لنا أبوابا الى عوالم تثير فضولنا ودهشتنا وتمنحنا قدرا أفضل من السلام والحرّية.
  • ❉ ❉ ❉


  • في القطعة التي فوق، تدوّي الموسيقى لأكثر من ثلاث دقائق قبل أن يدخل البيانو. روح بيتهوڤن المضطربة والعنيفة تومض عبر النوتة الموسيقية، بينما يتجادل البيانو والأوركسترا ذهابا وإيابا بقوّة. تهاجم الموسيقى ثم تتراجع؛ حوار قلق ومظلم بين صوتين يتناوبان على التقدّم والتراجع. يقول ناقد موسيقي: يتجلّى الضيق الروحي العميق لبيتهوڤن وتركيزه الكبير على العاطفة بشكل جيّد هنا. إستمع إلى جون غاردينر وتفسيره الجريء لهذه القطعة بمشاركة البيانيست روبرت ليڤِن الذي يعزف بيتهوفن كما ينبغي أن يكون: مثل "كلب غاضب يُمسك بعظمة"، على حدّ وصف أحد الكتّاب!
  • ❉ ❉ ❉

  • في الثقافة اليابانية، ترمز زهرة الكرَز أو "ساكورا" إلى قصر الحياة. هذه الأزهار الرقيقة تتفتّح لفترة وجيزة كلّ ربيع، لتذكّرنا بأن الحياة ليست دائمة أو أبدية ولتشجّعنا على تقدير الحاضر أكثر.
    ومنذ القرن الثامن، ارتبطت أزهار الكرز في اليابان بفكرة تركّز على جمال الحياة الزائل. فالأشياء لا تدوم للأبد، وهو ما يذكّرنا بأهمية العيش والاحتفاء بكلّ لحظة.
    واليوم عندما يقال لشخص أنه يتبنّى "عقلية ساكورا" فإن معناه هو أن الشخص يبحث عن السعادة في اللحظات العابرة، حتى في خضمّ فوضى الحياة. وتُظهر بعض الأبحاث أن اليقظة الذهنية، أي التركيز على الحاضر، يمكن أن تخفّف القلق والاكتئاب وتخفض ضغط الدم وتحسّن النوم. وعندما تركّز على الحاضر ستشعر بتحسّن وسعادة أكبر.
    تخيّل أنك تواجه موعدا نهائيا لا سبيل الى تفويته، فبدلا من القلق بشأن نتيجة الموعد، تتوقّف لتناول كأس من القهوة، مستمتعا بالرائحة والطعم. هذه اللحظة القصيرة من اليقظة الذهنية تنعشك وتعزّز دافعيّتك وتحسّن إنتاجيّتك.
    إن العيش بـ "عقلية ساكورا" أو أزهار الكرَز يساعدك على تقدير لحظات الحياة العابرة، ومن ثم يجلب لك المزيد من السعادة ويجعلك تركّز بشكل أكبر على الحاضر.
  • ❉ ❉ ❉

  • أصبحت الإنترنت، بالنسبة لمعظمنا، بمثابة ثقب دُوديّ شديد السُمّية ومسبّب للقلق والحرمان من النوم ولتآكل الخصوصية ومشتّت للعمل ومليء بالإعلانات ومضيِّع للوقت. والحقيقة هي أننا ببساطة لسنا منافسين لخوارزميات الإدمان التي تحكم شبكة الإنترنت الآن. فنحن ضعفاء للغاية أمامها، والإنترنت عموما أقوى منّا.
    فهل نحلم بابتكار تجربة إنترنت مدى الحياة، ممتعة وخاصّة ومنخفضة القلق ومحكومة بالوقت وخالية من الإعلانات وبأقلّ قدر من التتبّع وتسهم فعليّا في تحقيق أهدافنا الحياتية؟ هل من الممكن جعل الإنترنت أداة وليست لعبة؟!
  • ❉ ❉ ❉

  • من أقوال سيدهارتا غوتاما: لا تتغافل عن الأعمال الصالحة الصغيرة، ظانّا أنها لا تجدي نفعا؛ فحتى قطرات الماء الضئيلة قد تملأ في النهاية وعاءً ضخما. ولا تتغافل عن الأعمال السيّئة لمجرّد صغرها؛ فمهما كانت الشرارة صغيرة فإنها قد تحرق كومة قشّ ضخمة.
    ولا تصدّق أيّ شيء لمجرّد سماعه أو لأن كثيرين قالوه أو أشاعوه. ولا تصدّق أيّ شيء لمجرّد أنه موجود في كتبك الدينية. ولا تصدّق أيّ شيء بناءً على سلطة معلّميك وشيوخك. ولا تصدّق التقاليد لكونها متوارثة عبر الأجيال. لكن عندما تجد أن شيئا ما يتّفق مع العقل ويفيد الجميع فاقبله والتزم به.

  • Credits
    sakuramindandtherapy.com
    suite101.com
    lvbeethoven.com