قصص ما قبل النوم
بعض الأعمال الموسيقية العظيمة لا تحتاج سوى إلى ومضات سريعة من الإلهام والخيال حتى تتجسّد وتكتمل. وشهرزاد هي مثال على هذا. فقد كتبها نيكولاي ريمسكي كورساكوف في فترة لا تربو على الثلاثة أشهر. ومع ذلك انتشرت بسرعة واشتهرت على نطاق واسع وأصبحت اليوم من بين أفضل الأعمال الكلاسيكية التي تُعزف بانتظام. وقد اعتمد كورساكوف في تأليفها على حكايات ألف ليلة وليلة. وكلّ مقطع في شهرزاد يعبّر عن صورة ما أو عن مزاج معيّن في تلك الحكايات. وقد اختار الموسيقيّ أن يطلق على كلّ حركة من الحركات الأربع عنوانا وصفيا خاّصا به. فالحركة الأولى اسمها البحر وسفينة السندباد. والحركة الثانية تصوّر حكاية الأمير كالندار الذي يتخفّى في الحكاية بقناع ساحر أو مهرّج. والحركة الثالثة تصوّر قصّة الحبّ بين الأميرة بدور والأمير قمر الزمان. والحركة الرابعة تصوّر سلسلة مشاهد تبدأ بالمهرجان في بغداد ثمّ مشهد البحر فتحطّم السفينة. على أن أهمّ سمة في هذا العمل الموسيقي الجميل هي صوت الكمان المنفرد الذي يُسمع في كافّة أجزائه. أنغام الكمان السائلة في شهرزاد تولّد إحساسا رومانسيا عميقا تتخلّله بين وقت وآخر لحظات تأمّل وحزن وشجن. ...