المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر 10, 2024

مفارقة الفراشة

صورة
نحن مثل الفراشات التي ترفرف ليوم واحد وتعتقد أنها ستستمر إلى الأبد. كارل سيغان ❉ ❉ ❉ كان "تشوانغ تزو" فيلسوفا معروفا في الصين القديمة. وقد ذهب ذات ليلة لينام وحلُم أنه فراشة تطير من زهرة إلى زهرة. كان متأكّدا تماما أنه فراشة، لدرجة أنه شعر في الحلم بالحرّية وبالنسيم العليل أثناء طيرانه. ولكن عندما استيقظ، تبيّن له أنه ما يزال هو نفسه وأنه كان فقط يحلم. وبعد ذلك طرح "تشوانغ تزو" السؤال التالي على نفسه: هل كنت أنا "تشوانغ تزو" أحلم بأنني فراشة، أم أنني الآن فراشة أحلم بأنني "تشوانغ تزو"؟! في الحلم، رأى "تشوانغ تزو" العالم من جديد من خلال عيني فراشة، متحرّرا من القيود البشرية. وبدا الحلم وكأنه حقيقة، ما دفعه إلى ذلك التساؤل الإشكالي عند استيقاظه. هذا الحدث الغريب، أي التحوّل بين انسان وفراشة كان تحدّيا لإدراكه للواقع وإحساسه بذاته، لأنه يطمس الخطوط الفاصلة بين الواقع والوهم ويدفع إلى التأمّل بعمق في الوعي والهويّة. فكرة الفراشة كروح هي فكرة عميقة وقديمة. ويبدو أنها تتكرّر بلا نهاية عبر الحضارات. هذه الحشرات الطائرة الرق...

أيّام في حياة دوستويفسكي

صورة
كثيرا ما نميل الى رسم صور ذهنية للكتّاب الذين نقرأ لهم. وأظنّ أن الصورة التي يقدّمها فيلم "26 يوما في حياة دوستويڤسكي" هي أقرب ما تكون لصورة الكاتب كما انطبعت في ذهني عن شخصه وكتاباته. وليس من المبالغة القول إن هذا الفيلم يُعتبر هديّة مثالية للذين يقدّرون الكاتب الروسي الكبير وفنّه. المعروف أن سيرة حياة دوستويڤسكي كانت موضوعا للعديد من الأفلام، خاصّة الروسية. لكن ما يميّز هذا الفيلم بالذات أن المخرج، واسمه ألكسندر زاركي، تعمّد فعل شيء مختلف عندما قدّم دوستويڤسكي على سجيّته ودون تضخيم أو توقير مبالغ فيه، لكن بمراعاة واحترام. أما أداء الممثّل الذي جسّد شخصية دوستويفسكي، واسمه أناتولي سولونيتسين، فيقصر عنه الوصف بالكلمات، وهو في الحقيقة لم يكن يمثّل بل تقمّص الشخصية بعمق وإتقان. أفلام السيرة تتناول عادةً حياة الشخص من ميلاده وحتى وفاته. لكن مخرج هذا الفيلم اختار أن يركّز على تلك الفترة القصيرة المذكورة في عنوان الفيلم، والتي كانت أكثر فترات حياة دوستويڤسكي صعوبةً وقتامةً. في ذلك الوقت من عام 1866، كان ما يزال كاتبا غير معروف نسبيّا. وكان على وشك إكمال روايته "ا...

لفافة طويلة زرقاء وخضراء

صورة
"ألف ميل من الأنهار والجبال" هو اسم هذه اللوحة "أو بالأحرى المخطوطة أو اللفافة" المشهورة لمناظر طبيعية رسمها الفنّان الصيني وانغ شيمانغ في أوائل القرن الثاني عشر خلال حكم أسرة سونغ. وتُعتبر اللوحة من أفضل وأشهر تُحف الفنّ الصيني نظراً لجاذبيّتها الفريدة وأهميّتها الثقافية الكبيرة. وبفضل حجمها الكبير وضربات فرشاتها المعقّدة ودلالاتها الغنيّة، توفّر اللوحة نظرة معمّقة لطبيعة الصين وثقافتها القديمة. والصورة بأكملها مرسومة على هيئة لفافة يدوية طولها أكثر من 17 قدما وتستخدم منظورات وزوايا بصرية متعدّدة لإتاحة رؤية بانورامية لمنظر طبيعي موسّع ومفصّل لجبال وأنهار وغابات وقرى. النقّاد يعتبرون هذه اللوحة أحد أعظم الإنجازات في تاريخ رسم المناظر الطبيعية الصينية. وقد أثّرت على أجيال متعدّدة من الفنّانين، واحتُفل بها باعتبارها كنزا وطنيّا للصين. وربّما يكون الأمر الأكثر روعة من اللوحة هو حقيقة أن من أبدعها كان شابّا لم يتجاوز عمره العشرين عاما عندما رسمها. ومن المؤسف أنه توفّي في ظروف غامضة بعد عامين من رسمه لها. وتشير دقّة الرسم في اللوحة إلى أن الفنّان نشأ في...