أسرار الماء
"في إحدى الليالي، وكان ضوء القمر الشاحب يبدو قريبا من الأرض، أخذت القارب واتجهت إلى وسط البحيرة الصامتة. جذبت المجداف ثم انحرفت قليلا وتوقفت لكي استحمّ للحظات في الضوء الذهبي. وفوق مياه البحيرة، كان القارب يرتفع وينخفض بهدوء كما لو انه يتكئ على صدر كائن حيّ يتنفس. وتوقفت قليلا. لم استطع مقاومة ذلك الجمال الغريب الغامض. ودون أن اشعر، ترقرقت عيناي بدموع الغبطة. وتردّدتْ أصوات بعض طيور الليل عبر مياه البحيرة لتصل إلى قلبي المفتوح. ثم جلست ألفّ ردائي حولي. ومضت الساعات دون أن ألاحظ أن الشمس كانت قد أشرقت. فعدت إلى البيت مملوءا بمشاعر التجدّد والارتباط بالطبيعة. هكذا يتحدّث إلينا الماء. ليس بالكلمات وإنما مباشرة إلى الروح. إننا عندما نستمع إلى إيقاع أمواج المحيط أو خرير الأنهار الجبلية أو إلى الماء المنهمر من علوّ، فإننا إنما نستمع إلى صوت الحضور المقدّس لله. وفي حضرته لا نحتاج إلا إلى أن نكون في ذروة اكتمال حواسّنا. ما هو الماء؟ إنه كيان حيّ وواع يفكّر ويشعر. هل يمكن أن يكون الماء هو الذي صاغ الكوكب الذي نسكنه؟ هل يمكن أن يكون الماء هو الطاو الأعظم؟ الروح التي تحرّك كلّ شيء وتظهر تجلي...