أيّام في بريطانيا 2 من 2
وأنت تتأمّل جمال الطبيعة عبر نافذة القطار المتّجه نحو الشمال، لا بدّ وأن يخطر بذهنك ما يقال أحيانا عن شخصية أو روح المكان. فحيثما نظرت، لا تقع عيناك إلا على اللون الأخضر. فضاءات خضراء لا يحيطها البصر، غابات، حدائق، مروج ومراعي فسيحة تتجوّل فيها البهائم والخيول على ضفاف الجداول والبحيرات. وعبر البساط الأخضر الطويل تلمح بعض القلاع والقصور التي تعود إلى القرون الوسطى. جمال الريف الانجليزي كثيرا ما داعب مخيّلة العديد من الكتّاب والشعراء والرسّامين الانجليز منذ القدم. في هذه الأرجاء عاش الشاعر وليام ووردزوورث والفنان جون كونستابل في وقت واحد. وكلاهما كان مفتونا بسحر وجمال الطبيعة. الأوّل كتب عنها العديد من قصائده واستلهم من أجوائها مضامين ميثولوجية ودينية وفلسفية. والثاني كان يرسمها بقلبه وكان يودع في مناظره ذلك الإحساس العميق بالهدوء والسكينة. كان كونستابل معروفا بتعامله المبهر مع الألوان والضوء والظلال. وفي لوحاته تمثيل رائع لروح الطبيعة يشي بحسّ وجداني عميق وتجربة روحية ثريّة. كان الوقت صباحا. وكان الضباب يلفّ كلّ شيء وكانت الغيوم الداكنة قريبة جدّا من الأرض رغم أننا ما نزال في بداية الر...