المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس 18, 2024

خواطر في الأدب والفن

صورة
كان رينيه ماغريت رسّاما تأمّلياً وشاعراً فنّاناً يعبّر عن حالات فكرية داخلية وعن نفسه من خلال التلاعب بالصور. كما كان إنسانا منعزلاً وهادئاً ومتواضعاً، ولم يكن يكترث كثيراً بالمجد الذي عاش من أجله العديد من زملائه السورياليين. وقد ظلّ دائما يسعى، من خلال فنّه، إلى إيجاد حلول لمشاكل معيّنة تطرحها أنواع مختلفة من الأشياء. وأوضحَ الرسّام مفهومَ هذه الطريقة الفلسفية في محاضرة ألقاها في أنتويرب في بلجيكا عام 1938، وصف خلالها حلما رآه ذات ليلة. وعندما استيقظ من الحلم نظر إلى قفص طيور كان في غرفته. وفي حالته تلك شبه الواعية، لم يرَ الطائر الذي كان في القفص، بل رأى بدلاً منه بيضة. وكان ذلك "سوء فهم رائعا" حسب وصفه، لأنه سمح له بإدراك سرّ شعري جديد ومدهش، مردّه على وجه التحديد التقارب بين الكائنين، أي القفص والبيضة. في عام 1953، رسم ماغريت إحدى أشهر لوحاته واسمها "غولكوندا". وفيها يصوّر مشهدا سورياليّا لمجموعة من الرجال المتماثلين الذين يرتدون معاطف سوداء وقبّعات عريضة وهم "يهطلون" من السماء، وخلفهم مبانٍ متطابقة ذات أسطح من القرميد البنّي. لكن يمكن أيض...

جيلو عن بيكاسو وماتيس

صورة
على مدى عقود، ربطت هنري ماتيس وبابلو بيكاسو علاقة صداقة مميّزة بدت في بعض الأحيان وكأنها محكومة بالغِيرة المتبادلة. كانا على طرفي نقيض في كلّ شيء، من الأساليب الفنّية إلى الطبائع والتفضيلات الشخصية وخلافها، لكنهما كانا يقدّران عالياً إبداع كلّ منهما. وذات مرّة شبّه ماتيس علاقتهما بمباراة في الملاكمة، بينما اعترف بيكاسو بأنه لو لم يكن بيكاسو، لتمنّى أن يرسم مثل ماتيس. في سنواته الأخيرة، كان ماتيس طريح الفراش. وقد شكا غير مرّة أن بيكاسو لم يكن يزوره كثيرا. وعندما توفّي في نوفمبر 1954، اتصلت ابنته ببيكاسو على الفور، لكنه لم يردّ على المكالمة أو يعيد الاتصال، بل ولم يحضر الجنازة أبدا. وقد رأى كثيرون في تصرّف بيكاسو قلّة ذوق منه وعدم احترام. وبالنسبة للبعض، بدا الأمر وكأن بيكاسو لم يستطع قبول حقيقة وفاة صديقه ومنافسه القديم. الرسّامة الفرنسية فرانسواز جيلو كانت إحدى زوجات بيكاسو. وقد عاشا معا سبع سنوات بدءا من عام 1946. وكان صديقهما المشترك هنري ماتيس الذي كان يعيش قريبا منهما وكانا يزورانه بانتظام. في كتابها بعنوان "ماتيس وبيكاسو: صداقة في الفن"، تتحدّث جيلو عن بعض جوا...

رسائل من الجبال/2

صورة
في هذا الجزء، يواصل تشارلز لانمان سرد المزيد من القصص عن مغامراته واكتشافاته ولقاءاته الكثيرة مع السكّان الأصليين وانطباعاته عن بعض المعالم الجغرافية والأشخاص الذين رآهم أثناء رحلاته في مناطق جبال ألليغيني. ❉ ❉ ❉ إحدى الشخصيات الأخرى المثيرة للاهتمام في مناطق الجبال كان عجوزا هنديّا من الشيروكي إسمه ساتاواها، أو عضّة الخنزير. وهو رجل يزيد عمره عن المائة عام ويعيش في كوخ خشبي صغير، بابه منخفض جدّا لدرجة أنه يتعيّن عليك أن تزحف إليه زحفا على يديك وركبتيك. وفي الوقت الذي اكتمل فيه نقل الجزء الأكبر من شعب الرجل إلى أقصى الغرب، استُدعي مجموعة من الضبّاط لاصطحاب رفاقه. وعندما رأى العجوز الجنود وهم يقتربون، تناول بندقيّته المحشوّة وحذّرهم من محاولة وضع أيديهم عليه، لأنه سيقتلهم بالتأكيد. كان حازما وكبير السنّ للغاية، حتى أن رئيس الجند قرّر أخيرا تركه وشأنه. كان العجوز يعيش حياة ناسك ويعتمد بشكل أساسي على صدقة شخص أو اثنين من جيرانه الهنود، رغم أنه يقال إنه حتى الآن يستطيع قتل غزال أو ديك رومي. ويقول إنه يستطيع أن يتذكّر الوقت الذي عاشت فيه أمّة الشيروكي على شواطئ...

رسائل من الجبال/1

صورة
ولد تشارلز لانمان في ميشيغان في يونيو من عام 1819. وبدأ حياته في الصحافة، ثم درس الرسم مع فنّاني مدرسة هدسون في نيويورك وتتلمذ على يد الرسّام آشر دوراند. كما ربطته صداقة بالكاتب المشهور واشنطن ايرفنغ. وقد سافر لانمان، المهتم بالتاريخ الطبيعي، في أرجاء أمريكا وألّف كتبا عن رحلاته من أشهرها هذا الكتاب بعنوان "رسائل من جبال ألليغيني"، الذي وثّق فيه رحلته عام 1849 في تلك الجبال التي تمتدّ لما يقرب من 500 ميل عبر وسط بنسلفينيا وميريلاند وغرب فرجينيا وجنوب غرب فرجينيا. كانت جبال ألليغيني والتلال المحيطة بها موطنا للبشر منذ آلاف السنين. وعاشت في الجزء الجنوبي من السلسلة شعوب أصلية كثيرة لبضع مئات من السنين، قبل وصول المستوطنين الأوروبيين الى المنطقة ابتداءً من القرن الثامن عشر. لكن يبدو أن غالبية الشعوب الأصلية انقرضت، إما بسبب انتشار الأمراض المستوردة أو بسبب الحروب مع الاوربيين ومع مجموعات محلية أخرى. كتاب لانمان يتناول العديد من القصص عن مغامراته واكتشافاته ولقاءاته الكثيرة مع السكّان الأصليين وانطباعاته عن الكثير من المعالم الجغرافية والأشخاص الذين رآهم خلال رحلاته. ...