إلتقاء الأضداد
قراءة سِيَر بعض الشخصيات التاريخية، يستوي إن كانت الشخصية خيّرة أو شريرة، هي من الأشياء التي تجلب المتعة وتثير التفكير والتأمّل. و سيزار بورجيا يوفّر نموذجا نادراً للصنف الثاني. كان هذا الأمير الايطالي شخصيّة اجتمعت فيها شتّى المتناقضات. يقال انه كان فيلسوفا وفنّانا على طريقته. كما كان أكثر الرجال وسامةً في ايطاليا في زمانه. لكنه أيضا، وهذا هو الجانب الطاغي في شخصيّته، كان مقاتلا اشتُهر بعنفه وقسوته. وكان من عادته إذا ظفر بأحد خصومه أن يُخضِعه لأشدّ صنوف التعذيب والتنكيل قبل أن يأمر بقتله بالسيف. وجانب من أهمّية هذا الرجل يتمثّل في حقيقة انه عاصر شخصيّتين أخريين بارزتين، هما نيكولو ميكيافيللي وليوناردو دافنشي. لكن الأخيرَين كانا أكثر منه أهمّية وأعمق أثرا. كان بورجيا يعمل على توحيد ايطاليا تحت قيادته. وكان ميكيافيللي ينظر إليه بمزيج من مشاعر الإعجاب والكراهية. كان يراقب بطش هذا الرجل وقسوته بحقّ معارضيه، وهو أمر أسهم في تعميق فهم ميكيافيللي لطبيعة ومنطق السلطة. ولم يكن مفاجئا أن بورجيا أصبح النموذج الذي بنى عليه ميكيافيللي مادّة كتابه المشهور "الأمير". دافنشي هو الآخر أصبح م...