أعمى يقود عُمياناً
يمكن اعتبار هذه اللوحة نموذجا للفنّ الذي يخاطب العقل ويطرح الأسئلة. والحقيقة أن معظم لوحات بيتر بريغل هي من هذا النوع الذي يثير الفكر ويبعث على التأمّل. عنوان اللوحة "أعمى يقود عُميانا". وموضوعها مستمدّ من عبارة وردت في الإنجيل تقول: إذا كان من يقود الأعمى أعمى مثله، فسيقعان كلاهما في الحفرة". في اللوحة يرسم بريغل ستّة رجال عُميان وهم يشقّون طريقا متعرّجا عبر طبيعة ذابلة تقع على أطرافها كنيسة ريفية ويجري وسطها نهر صغير. الدليل الأعمى يسقط في الحفرة مع أشيائه. بينما يتعثّر به الأعمى الثاني. ويبدو الثالث على وشك اللحاق برفيقيه. أما الرجال الرابع والخامس والسادس فلا يعرفون بعد ما الذي يحدث. غير أن سقوطهم في الحفرة، هم أيضا، يبدو أمرا محتّما في النهاية. من الأسئلة التي تطرحها اللوحة: هل العمى هنا حقيقي أم مجازي؟ ولماذا اختار بريغل أن يضمّن اللوحة منظرا لكنيسة بالذات وليس أيّ بناء آخر؟ هل كان يقصد أن الإيمان الأعمى دون تثبّت أو اقتناع يفضي بالإنسان إلى الضياع والتيه؟ وهل ينطوي الأمر على موقف ما من الدين بشكل عام؟ الطبيعة المراوغة لهذه اللوحة، والمتمثّلة في تعدّد دلالاتها ال...