المشاركات

عرض المشاركات من يوليو 7, 2024

رويريك والأرض الموعودة/2

صورة
في قرى لاداك، تُصادِفُ نيكولاس رويريك وعائلته ومرافقيه روائح البخور والنعناع البرّي والمريمية والتفّاح والمشمش. وعندما يصعدون إلى قمّة الجبل، يفاجئه وضوح الألوان وضخامة المنظر. "على الجبل دوّت أصوات الطبول والدفوف وشقّ موكب طويل طريقه نحونا على طول منحنيات الطريق، حاملاً الفوانيس الملوّنة والمشاعل، وتوهّج القمر الصاعد وسط النيران الحمراء. كان ذلك وقت حصاد الشعير الذهبي. كانت صفوف من الناس يحملون على ظهورهم حِزما من القمح وهم يغنّون بحرارة وحماس". ثم يتحدّث عن شريناغار، مدينة الشمس، التي تعجّ بالسياح: على الطريق توجد العديد من السيّارات. وفي غرفة الطعام في الفندق نرى وجوها لأميركيين. وفي محلّ المجوهرات، توجد لوحتان معلّقتان جنباً إلى جنب، إحداهما لإطلالة على دلهي والأخرى لإطلالة على الكرملين في موسكو". ويضيف: بين البلّورات التي نتطلّع إليها لنرى المصير وبين الياقوت في كشمير والفيروز التبتي، توجد أحجار اليشم الصينية الخضراء اللامعة. وكحديقة، تنتشر حدود القفاطين المطرّزة بألوان متعدّدة. وكشالات ثمينة، تنتشر في غرف المتحف تصاميم إيرانية وآسيوية دقيقة...

رويريك والأرض الموعودة/1

صورة
كان نيكولاس رويريك شخصا متعدّد المواهب والاهتمامات. كان فنّانا وباحثا وعالم آثار ورحّالة ومغامرا وكاتبا وشاعرا ورسّاما وروحانيّا. وكانت صفاته الثلاث الأخيرة هي الغالبة، وهي التي أضفت على أعماله الفنّية بريقا غريبا خاصّا به وحده. رُشّح رويريك مرّتين لجائزة نوبل للسلام وأنشأ مدرسة فلسفية للأخلاق الحيّة. لكن الأكثر إثارة للاهتمام من بين أعماله كان بحثه عن الألغاز الخفيّة في العالم، بما في ذلك مدينة شانغريلا الأسطورية. وقيل إنه لم يعثر على مدخل تلك المدينة فحسب، بل عاش أيضا ليروي القصّة من خلال سلسلة واسعة من لوحاته الخيالية. ولد رويريك عام 1874 لأب ألماني وأمّ روسية من طبقة مرموقة في سانت بطرسبيرغ. كان منذ صغره محاطا بالكتب وأصدقاء والديه المثقّفين. وكان يقضي أيّامه في التجوال في الهواء الطلق، حيث نما شغفه بالتضاريس المتعرّجة للأرض، فضلاً عن مناظر العصور القديمة. وفي الجامعة درس المحاماة ثم الرسم. لكنه اكتشف أن لديه خططا أهم بكثير. وبعد زواجه، ترك روسيا عشيّة ثورة أكتوبر وأخذ زوجته وولديه في جولات عبر أوروبّا والولايات المتحدة وبريطانيا. ثم جعل من الهند موطنه منذ أوائل الع...

بين دافنشي وميكيل أنجيلو

صورة
هناك أوجه شبه متعدّدة بين كلّ من ليوناردو دافنشي وميكيل انجيلو. فقد اعتُبر الاثنان معلّمَين وممثلين للفنّ الكلاسيكي اليوناني والروماني. كما عملا كفنّانين تجاريَين لدى الكنيسة واستفادا من رعاية رجال الدين ودعمهم لهما. والاثنان أيضا أنتجا فنّاً تحدّى الزمن وعاش مئات السنين وما زال يحظى بتقدير الناس إلى اليوم. وقيل أيضا أن فنّ دافنشي يّتسم بالكمال، لكنه لا يثير شعورا في نفس المتلقّي. يكفي مثلا أن تنظر إلى الموناليزا أو العشاء الأخير مرّة أو مرّتين فتُعجب بحرفية الرسّام وجمال الرسم، لكن هذا لا يحرّك فيك أيّ شعور ولا يثير بداخلك أيّ أسئلة. وعلى العكس من ذلك، فإن منحوتات ميكيل انجيلو مليئة بالحركة والدراما والقصص المثيرة. ولهذا سيُكتب لفنّه الخلود والبقاء أكثر من دافنشي الذي شغله انهماكه بالعلوم والفلك والهندسة عن إنتاج فنّ حقيقي يحرّك العقل ويحرّض على الأسئلة. من ناحية أخرى، كانت شخصيتا الاثنين متعارضتين من عدّة أوجه، فليوناردو كان رجلاً اجتماعيّا يحبّ ارتداء الملابس الأنيقة وحضور مناسبات النبلاء وأعيان المجتمع. لكن ممّا يُعاب عليه تركه العديد من أعماله دون أن يكملها، لأنه كان متعدّ...

انطباعات ملوّنة

صورة
كان اللون يأسرني دائما، وكذلك الكلمات التي تعبّر عن الألوان والشمس التي تجعل الألوان حيّة. * اندريه ديرِن، رسّام فرنسي الألوان جزء لا يتجزّأ من جماليات أيّ صورة. وأحيانا تكون عنصرا تعبيريّا لا يقلّ أهمية عن الأشكال والخطوط والأشخاص والمنظور الخ. وكلّ له رسّاموه المفضّلون عندما يتعلّق الأمر باللون. شخصيّا تعجبني ألوان ماتيس وكليمت وبونار وكاندنسكي ومونك وفالوتون وشاغال وبولوك وبول كلي وفان غوخ وجولنسكي وروريك وغيرهم ممّن لا تحضرني أسماؤهم الآن. المعروف أن ظاهرتي الشفق القطبي وقوس قزح تتألّف كلّ منهما من سبعة ألوان هي ألوان الطيف المنظور كما تُسمّى. وجميع الألوان الموجودة في هذا العالم، أي ملايين التنويعات والتدرّجات والظلال اللونية، ليست سوى نتيجة لامتزاجات هذه الألوان السبعة مع بعضها البعض. كان الرسّام الروسي التجريدي كاندنسكي يرى في الأزرق لونا روحانيّا، وكلّما كان أثقل أيقظ رغبة الإنسان في الخلود. زميله فرانز مارك كان هو الآخر يؤكّد على تأثير الألوان على المزاج. كان يرى مثلا أن الأزرق لون الذكورة والأصفر لون الأنوثة والأحمر لون العالم المادّي بكلّ ما يختلج به من تو...