المشاركات

عرض المشاركات من فبراير 28, 2016

موسى وميكيل انجيلو وفرويد

صورة
إلى ما قبل ظهور سيغموند فرويد، كان تاريخ الفنّ عبارة عن توثيق للأعمال الفنّية: كيف ظهرت وإلامَ انتهت، وما هي التأثيرات الثقافية والاجتماعية التي شكّلت دافعا للفنّان في انجاز هذا العمل أو ذاك. لكن عالم النفس النمساويّ الشهير ابتكر طريقة لاكتشاف كيف ولماذا يؤثّر فينا الفنّ العظيم. ومن خلال دراسة العمل الفنّي سيكولوجيا، وكذلك التحليل النفسي للفنّان صاحب العمل، قدّم لنا فرويد أدوات فعّالة تمكّننا من فهم الإبداع وإدراك القوّة التذكّرية والعاطفية للفنّ بطريقة أفضل. كان أسلوبه في دراسة الفنّ مشابها إلى حدّ ما لطريقته في تفسير الأحلام. فالصور في الأحلام، وكذلك في الرسم والنحت، ما هي إلا تقطير بصريّ للأفكار والتأثيرات. كان فرويد متماهيا مع النبيّ موسى. كتابه الأخير كان عنوانه "موسى والتوحيد". والواقع انه كان يرى في نفسه، هو أيضا ومثل موسى، زعيما لجماعة صغيرة، لكن تأثيرها قويّ وواسع. وكان فرويد يقول لأصدقائه دائما أن روما هي مدينته المفضّلة وأن زياراته لها تسرّه كثيرا. وقد عُرف عنه اهتمامه بالآثار وبجمع التحف. وكان يستخدم الآثار والتنقيب كتعبير مجازيّ عن العقل الباطن والكب...

عشاء مع بريغل

صورة
هناك بعض الرسّامين ممّن يتمنّى المرء لو رآهم وعرفهم عن قرب. وهؤلاء عندما تتأمّل رسوماتهم، تحسّ أن فيها فكرا وعمقا وفنّا وسعة خيال. والأمر يشبه ذلك الشعور الذي يساورك عند انتهائك من قراءة كتاب شيّق ومفيد بأنك ترغب في الحديث مع مؤلّفه لبضع دقائق، كي تعبّر له عن شكرك وامتنانك على أفكاره الممتعة والمفيدة، ثمّ لكي تسأله عن بعض التفاصيل التي استوقفتك في كتابه أو تلك التي استشكل عليك فهمها. وشخصيّا هناك أكثر من رسّام ممّن يثيرون اهتمامي وتستوقفني أعمالهم كثيرا، ويأتي في طليعة هؤلاء الرسّام الهولنديّ الجميل بيتر بريغل الأب. وبداية، هناك ملاحظة جانبية، وهي أن لا مشكلة في أن يُكتب اسمه بريغل أو برويغل، فكلا النطقين صحيح بحسب من أرّخوا لسيرة حياته. لكن لماذا بريغل فنّان خاصّ ومختلف ومثير للاهتمام؟ هناك عديد من الأسباب، بعضها شكلانيّ والبعض الآخر جوهريّ. فبريغل، أوّلا، كان احد أشهر شخصيّات عصر النهضة الشمالية. وفنّه يذكّرنا بالحداثة وبالتأثير والقيمة العالمية للفنّ. ثم انه كان فنّانا مبتكِرا، وهذا واضح من طريقة تصويره لحياة الفلاحين بطريقة هزلية وساخرة أحيانا، لكنها تشي بوعيه وإدر...