المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر 17, 2024

خواطر في الأدب والفن

صورة
ترى لو كان الإسكندر الأكبر على قيد الحياة اليوم، كيف ستُقارن ثروته بثروات أباطرة ومليارديرات العصر الحديث؟ يذكر المؤرّخ ڤيكتور هانسون في كتابه "حروب الإغريق القدماء" أن ثروة الإسكندر المقدوني التي جمعها من خلال سلسلة من الفتوحات الجريئة، جعلت منه أحد أغنى وأقوى الشخصيات في زمانه. في سنّ الثلاثين، غزا الإسكندر الإمبراطورية الأكثر قوّة وثراءً آنذاك، أي الإمبراطورية الفارسية التي كانت منجم ذهب حقيقيّا. كان الفرس قد راكموا ثروتهم نتيجة مزيج من الإدارة الذكيّة وشبكات التجارة الواسعة والجزية الضخمة التي فرضوها على الأراضي التي فتحوها. وكانت هذه البلاد الواقعة عند مفترق طرق التجارة الرئيسية، بما في ذلك طريق الحرير الشهير، مركزا مزدحما حيث كانت السلع والذهب والفضّة تتدفّق من جميع أنحاء آسيا والشرق الأدنى. أضف إلى ذلك الثروات الطبيعية التي كانت تتمتّع بها الإمبراطورية من الأراضي الخصبة والمعادن الثمينة والوفيرة. كان الفرس -بحسب هانسون- بارعين في توحيد جمع الجزية والضرائب، ما ضمِن تدفّقا ثابتا للثروات إلى خزائن الإمبراطورية. لذا عندما أطاح الإسكندر بداريوس الثالث واستولى على ا...

أسفار ناصر خسرو

صورة
يُعتبر "كتاب السفر"، أو "سفرنامة"، للشاعر والرحّالة والفيلسوف الفارسي ناصر خسرو (1004 - 1072) وثيقة تاريخية قيّمة عن العالم الإسلامي خلال العصور الوسطى. وفيه يسرد الكاتب تفاصيل رحلاته خلال القرن الحادي عشر الميلادي والتي دامت سبع سنوات وضمّنها مشاهداته وتجاربه وانطباعاته. والكتاب ليس مهمّا لمزاياه الأدبية فقط، بل أيضا لأهميّته التاريخية والثقافية. وما يميّزه عن كتب الرحلات الأخرى أن سرده يعكس نهجا فلسفيا وتأمّليا ويركّز على النموّ الشخصي للكاتب والدروس الأخلاقية التي استفادها من ترحاله. يقول ناصر خسرو في بداية الكتاب: في يوم اقتران كوكب المشتري والقمر، وهو اليوم الذي يقال إن الله يستجيب فيه لكلّ دعاء، اعتزلتُ في زاوية وصلّيت ركعتين، سائلاً الله أن يمنحني ثروة. وذات ليلة، رأيت في المنام شخصا يقول لي: إلى متى تستمرّ في شرب المُدامة التي تدمّر عقل الإنسان؟ لو بقيت واعيا لكان ذلك أفضل لك". فأجبته: لم يستطع الحكماء أن يأتوا بشيء آخر يخفّف من حزن هذا العالم". فأجابني: إن فقدان الحواسّ ليس راحة. ولا يمكن أن يسمّى حكيما من يقود الناس إلى الجنون، بل ...

خواطر في الأدب والفن

صورة
يرى بعض المؤرّخين أن زُوّارا آخرين وصلوا الى الأميركتين قبل كولومبوس، ومن هؤلاء الڤايكنغ والأيرلنديون والإتروسكان والرومان والويلزيون والأفارقة واليابانيون والصينيون. ولكن في نهاية المطاف، لم يكتشف أحد من هؤلاء شيئا بمثل أهميّة الاكتشاف الذي حقّقه كولومبوس في عام 1492. ولا يرجع هذا إلى كون كولومبوس هو الأوّل أو إلى كونه شخصية محبوبة. فهو لم يكن كذلك. ولكن هذا البحّار الإيطالي فعل شيئاً غير مسبوق غيّر العالم إلى الأبد، وذلك عندما أضاف قارّة بأكملها إلى العالم المعروف آنذاك. يقول المؤرّخ فرانك جيكوبس: قبل كولومبوس، كانت الأميركتان عبارة عن نظام بيئي مكتفٍ ذاتيّا ومعزول عن بقيّة العالم بمحيطين هائلين. وبعد كولومبوس جاء الغزو والإبادة الجماعية، ولكن جاءت معهما أيضا الشعوب والأفكار والحيوانات والنباتات والأمراض الجديدة في كلا الاتجاهين. فقد تدفّقت أشياء جديدة إلى العالم الجديد من أوروبّا وأفريقيا وآسيا، والعكس صحيح. وهذا هو ما يُعرف بـ تبادل كولومبوس The Columbian Exchange، وهو المصطلح الذي صاغه لأوّل مرّة مؤرّخ أمريكي يُدعى ألفريد كروسبي في عام 1972، وقصد به التبادل على نطاق و...

الأصول الأولى للرسم

صورة
لطالما انشغل البشر بالأصول الأولى للأشياء. وكانوا يعتمدون دائما على الأساطير لتفسير كثير من الأمور. ولم يكن الرسم استثناءً. فقد قدّمت ثقافات مختلفة من العالم قصصها الخاصّة عن نشأة الرسم. والشيء الوحيد المشترك بين تلك القصص هو أن الرسم بدأ عندما رسم شخص ما ظلّ شخص آخر. وطبقا لقصّة كتبها بليني الاكبر، المؤرّخ الروماني من القرن الأوّل الميلادي وضمّنها كتابه "التاريخ الطبيعي"، فإن أوّل لوحة في التاريخ على الإطلاق رسمتها ابنة خزّاف من بلدة كورينث باليونان، والتي اشتهرت منذ القدم بصناعة الخزف. كانت الفتاة، واسمها ديبوتاديس، مخطوبة لشابّ وكان على وشك السفر بعيدا عن بلدتهم. وقبل رحيله ليلا، أحبّت الفتاة أن تتذكّره فرسمت محيط رأسه على الحائط باتباع الظلّ الناتج عن ضوء مصباح. ثم طلبت من والدها أن يصنع لذلك الشكل قطعة خزفية. وقد ملأ والدها تلك الصورة الظلّية بالطين، ثم أحرق الطين في الفرن وأصبحت تلك أوّل منحوتة عرفها الانسان. وكانت تلك الصورة الشعرية مشهورة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وصُوّرت في العديد من الأعمال الفنّية، وأصبحت موضوعا شائعا بين الفنّانين الغربيين ...