خواطر في الأدب والفن
لم أقرأ رواية ذئب البراري "أو ذئب السهوب" إلا متأخّرا نسبيّا. وقد وجدتها ممتعة وعميقة المعنى. كما أنها خفيفة وسهلة الفهم. ومن المزايا الأخرى التي قدّرتها في الرواية أنها لا تتضمّن شخصيات كثيرة تُربك القارئ وتشتّت تركيزه. بطل الرواية يسمّي نفسه ذئب البراري. وهو شخص مثقّف، منعزل، بلا علاقات تقريبا، ومتحفّظ في إظهار مشاعره، لا يؤمن بالكثير من افكار وقناعات مجتمعه ويساوره الحنين الى عصور سابقة. وهو في الرواية يتحدّث عن الكثير من رموز الحزن وضحايا سوء الفهم في هذا العالم، مثل نوفاليس ودستويفسكي وأتيلا وفاوست وموزارت وهاملت واوفيليا وغيرهم. كما يتحدّث بشغف عن ظواهر لا أشكّ انها تجذب اهتمام الكثيرين، من قبيل بعض الصور والأنغام والروائح التي تنقل الانسان الى عوالم مختلفة وتلحّ على ذهنه بين فترة وأخرى. وذئب البراري يصف عزلته بأنها "ساكنة سكون الفضاء البارد الذي تدور فيه النجوم في افلاكها". في هذه الرواية "علم نفس" كثير، ربّما أكثر ممّا ينبغي، مثل حديث الراوي عن ثنائية الانسان والذئب، وكيف يتغلّب الذئب على الانسان او العكس. وهو يُفرد لهذا صفحات كثيرة...