الموت والمبادئ
كلّ عام وأنتم بخير.. من العبارات الجميلة التي تستحقّ أن تُتذكّر زمنا طويلا قول الفيلسوف البريطاني برتراند راسل: لن أموت أبدا دفاعا عن قناعاتي أو مبادئي، فقد أكون مخطئا". هذه العبارة تتضمّن درسين مهمّين، الأوّل هو أن ما نعتقد انه قناعات مطلقة أو نهائية لا يعدو كونه مجرّد آراء أو تصوّرات قد تخطيء أو تصيب، وإن كانت صائبة اليوم فقد لا تكون كذلك غدا. والثاني أن ما نعتقد انه قناعات أو مبادئ قد لا يعتبرها الآخرون كذلك، وإذن هي في النهاية أفكارنا الشخصية أو الخاصّة وليس علينا حمل الآخرين أو قسرهم على اعتناقها أو تبنّيها. راسل له مأثورات كثيرة عميقة المعنى، لكن هذه العبارة استوقفتني كثيرا، وهي ولا شكّ من أبلغها وأعمقها مغزى. صحيح فعلا، أتساءل، لماذا يتعيّن على الإنسان أن يموت أو أن "يدفع حياته ثمنا لمبادئه"، وهو الكليشيه الذي كثيرا ما يُقدّم كذريعة للاستخفاف بالحياة وإلقاء الإنسان بنفسه إلى التهلكة؟ أظنّ أن تضحية أيّ إنسان بحياته دفاعا عمّا يعتقد انه عقيدة أو حرّية فكرية هو ضرب من الخبال ونقص العقل. ولو طبّق الناس مقولة راسل الذهبية لكانت البشرية قد حافظت على الكثير...