المشاركات

عرض المشاركات من يوليو 6, 2025

خواطر في الأدب والفن

صورة
كثيرا ما أستذكر من وقت لآخر تلك القصّة المشهورة؛ قصّة المعلّم والتلاميذ وكوب الماء، وأعتبر أن الدرس الذي تقدّمه هذه الحكاية، على بساطتها، من أعمق وأبلغ دروس التعامل مع متاعب الحياة. وملخّص القصّة أن أستاذا لعلم النفس كان يتحدّث الى قاعة مليئة بالطلاب، عندما رفع كوب ماء. وتوقّع الجميع أن يطرح عليهم السؤال المشهور عن "نصف الكوب الفارغ ونصف الكوب الممتلئ". وبدلا من ذلك، سأل الأستاذ الطلاب: ما مدى ثقل كوب الماء هذا الذي أحمله؟" وتراوحت إجابات الطلاب ما بين بضعة غرامات إلى بضعة أرطال. ثم قال الأستاذ: من وجهة نظري، فإن وزن هذا الكأس لا يهمّ. بل المهم هو المدّة التي أحتفظ به خلالها. فإذا حملته لمدّة دقيقة أو اثنتين، فهو خفيف إلى حدّ ما. أما إذا حملته لساعة، فإن وزنه قد يتسبّب في إيلام ذراعي. أما إذا حملته ليوم متواصل أو أكثر، فمن المحتمل أن تتشنّج ذراعي وأشعر بالخدر والشلل التام، ما قد يجبرني على إسقاط الكأس على الأرض. وفي كلّ حالة، لا يتغيّر وزن الكأس، ولكن كلّما حملته لفترة أطول شعرت بثقله أكثر". وبينما كان الطلاب يهزّون رؤوسهم موافقين، تابع أستاذهم كلامه...

خواطر في الأدب والفن

صورة
يركّز الرسم الصيني من منظور الكونفوشية على تمجيد فضائل الإحسان والصلاح واللياقة، والتي تجسّد القيم الأخلاقية والمثل الاجتماعية. والطاوية، بدعوتها إلى التوحّد مع الطبيعة والسعي إلى التوازن، تنبع بعمق من المناظر والعناصر الطبيعية داخل بيئة الرسم الصيني. فالجبال والأنهار وأشجار الخيزران، التي يُنظر إليها كرموز للنزاهة والمرونة والتواضع، لا تصوَّر فقط لجاذبيّتها الجمالية، بل باعتبارها تجسيدا للتعايش المتناغم بين الين واليانغ ورمزا للبحث الطاويّ عن التوازن والهدوء. والبوذية، بتأمّلاتها في المعاناة وعدم الثبات والتنوير، تنعكس في الرسم لتوضّح عوالم الوجود البشري والمسارات المؤدّية إلى اليقظة الروحية. وتشكّل زهرة اللوتس، التي تخرج نقيّة من الوحل، زخارف متكرّرة ترمز إلى النقاء والتنوير في خضمّ معاناة العالم. إن التيّارات الفلسفية المتعدّدة والكامنة في الرسم الصيني تنتج سردا يتجاوز مجرّد المتعة الجمالية، ليتحوّل الرسم إلى تساؤلات وجودية وأخلاقية وكونية. لذا فإن النظر إلى لوحة صينية يعني الدخول في حوار مع حكماء العصور القديمة والتأمّل في التشابك بين الطبيعة والروح والإبحار عبر المسارا...

خواطر في الأدب والفن

صورة
كانت الآلهة عند الاغريق تشبه البشر في مظهرها، إلا أنها تفوقهم جمالا وعظمة وقوّة. وكانت تشبههم في مشاعرهم وعاداتهم، فتتزاوج وتنجب أطفالا وتحتاج إلى غذاء يومي لتجديد قوّتها وإلى نوم منعش لاستعادة طاقتها. كما أن دمها سائل أثيريّ لامع لا يسبّب الأمراض وعند إراقته ينتج حياة جديدة. ويذكر الكاتب ي. م. بيرنز أن الإغريق كانوا يعتقدون أن مؤهّلات آلهتهم العقلية أعلى بكثير من مؤهّلات البشر. ومع ذلك، لم يُنظر إليها على أنها معصومة من الأهواء البشرية، بل هي مدفوعة بالانتقام والخداع والغيرة. فهي دائما تعاقب المذنب وتُنزل المصائب على أيّ بَشريّ يجرؤ على إهمال عبادتها أو احتقار طقوسها. وكثيرا ما نسمع عن زيارات الآلهة للبشر ومشاركتها ضيافتهم. وآلهة الاغريق ترتبط بالبشر وتتزاوج معهم، ويُطلَق على ذريّة هذه الزيجات اسم أبطال أو أنصاف آلهة، ويشتهرون عادةً بقوّتهم وشجاعتهم العظيمة. ومع وجود العديد من أوجه التشابه بين الآلهة والبشر، إلا أن الآلهة تميّزت دائما بالخلود. لكنها لم تكن محصّنة من الهزيمة، فكثيرا ما سمعنا عن إصابتها بجروح وتعرّضها للعذاب. ولم تكن الآلهة تعرف حدودا للزمان أو المكان، ...