المشاركات

عرض المشاركات من أبريل 8, 2012

موسيقى بهويّات متعدّدة

صورة
في هذا الكونشيرتو بعنوان "عائلة بورجيا: الكنيسة والدولة في عصر النهضة"، يختار المؤلّف الموسيقي الاسباني جوردي سافال مجموعة رائعة من الأشعار والمقطوعات الموسيقية التي تعود إلى بدايات عصر النهضة، وبالتحديد إلى زمن أسرة بورجيا ذات الأصول الاسبانية والايطالية. بعض الموسيقى جميلة ومحزنة. وقد حافظت على سحرها الخاص لمئات السنين. والكونشيرتو يتضمّن أساليب موسيقية إسلامية ومسيحية ويهودية ووثنية تعكس ثقافة اسبانيا آنذاك التي كانت تتسم بالتنوّع والتعدّدية. سافال وظّف في عمله عددا من الآلات الموسيقية التي كانت شائعة في ذلك الوقت. كما استعان بعدد من أشهر العازفين والمؤدّين، منهم زوجة سافال السوبرانو والعازفة الاسبانية مونتسيرات فيغيراس، وعازف العود المغربي ادريس المالومي، وعازف الناي الروسي نيديالكوف، بالإضافة إلى سافال نفسه وآخرين. كان صعود أسرة بورجيا إلى السلطة ومن ثمّ هيمنتها لاحقا على الفاتيكان نقطة تحوّل مهمّة في تاريخ أوربّا. كان ذلك العصر عصر دافنشي وميكيل أنجيلو والإنجازات الفكرية والفنّية الكثيرة. ولكنّه كان أيضا عصر مكيافيللي والحروب المستمرّة والفساد الذي لا يوصف. ر...

رحيل رسّام الضوء

صورة
كان توماس كينكيد يمثّل ظاهرة فريدة في الفنّ الأمريكي. الرواج الكبير للوحاته في أوساط الناس العاديّين جعل منه اكبر رسّام تجاريّ في الولايات المتحدة. وقد بلغ من شعبيّة هذا الرسّام أن واحدا من بين كلّ عشرين منزلا في الولايات المتحدة يضمّ نسخة من إحدى لوحاته. كان كينكيد مشهورا بمناظره التي تصوّر طبيعة مثالية تظهر فيها أكواخ حجرية، وحدائق وارفة الخضرة، ومنارات ترتفع فوق صخور عالية، وبيوت يتسلّل منها الضوء في برد الشتاء. وعندما انتشر خبر وفاة كينكيد المفاجئة يوم الجمعة الماضي عن أربعة وخمسين عاما، تدفّق الناس بالآلاف على الغاليريهات والمعارض والمتاجر لشراء نسخ من لوحاته. لكن برغم كل هذه الشعبية التي كان يحظى بها الفنّان في أوساط الجمهور، كانت المؤسّسة الفنّية تتجاهله والنقاّد يرفضونه ويعتبرونه رسّاما تقليديا وغير جدير بالدراسة. احد النقّاد تساءل ذات مرّة بسخرية واضحة ملمّحا إلى لوحات كينكيد: هل يمكن للشخص أن يصبح مريضا بالسكّر إذا نظر إلى لوحات تحتوي على كمّيات كبيرة من السكّر؟! المتاحف الكبيرة أيضا لم تكن تحرص على شراء لوحاته بحجّة أن فنّه يفتقر للابتكار وعلى أساس انه لم يحقّق شيئا...

موت إيفان إيليتش

صورة
في عام 1869، وبعد أن انتهى من كتابة روايته "الحرب والسلام"، مرّ ليو تولستوي بأزمة روحية عميقة نتيجة حادثة حصلت له أثناء رحلة عبر مدينة أرزاماس التي تقع على نهر تايوشا وتبعد حوالي 250 ميلا إلى الشرق من موسكو. تولستوي وصف تلك التجربة في قصّته "مذكّرات رجل مجنون". وقد اختار لها هذا العنوان لأنه كان مقتنعا بأن القرّاء سيجدون القصّة غير قابلة للتصديق. بعد ساعات قليلة من منتصف إحدى الليالي استيقظ تولستوي من نومه وقد استولى عليه اليأس والرعب كما لم يحدث له من قبل. وبعد أن سأل نفسه عن سبب خوفه وحيرته، جاءته الإجابة سريعا: أنا هنا". ولم يكن المتحدّث سوى الموت. تولستوي كان يواجه حتمية موته ويشعر بالرعب والهلع من سلطة الموت. ظلّت ذكرى تلك الليلة المؤرّقة تلازم تولستوي بقيّة حياته، وأصبح مشغولا بشكل دائم بفكرة الفناء. وعندما كتب اعترافاته بعد ذلك بعشر سنوات تساءل: هل يبقى لحياتي أيّ معنى في ظلّ حتمية اقتراب الموت؟". وانهمك في تأمّلات طويلة وشاقّة. زوجته سونيا التي عانت معه طويلا تصف ما حدث بقولها: كثيرا ما كان يقول إن دماغه يؤلمه. كانت هناك عملية مؤلمة تجري ...