المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر 22, 2017

ملكة الشرق

صورة
في مسرح تدمر الكبير، حيث كان الناس يحتشدون قبل ألفي عام لمشاهدة مسرحيات يوربيديس وسوفوكليس، حدثت قبل أشهر مفارقة لافتة. فقد حوّل مقاتلون متشدّدون، ومعظمهم مراهقون، المكان إلى ساحة لحفلات إعدام جماعية لأفراد من الجيش السوريّ النظاميّ. وكانت هناك مفارقة أخرى، ففي هذه المنطقة التي كانت تحكمها ملكة قويّة في العصور الخوالي، أصبحت النساء اللاتي لا يخضعن للأفكار المتزمّتة لهذه الجماعات يُعاقَبن ببيعهنّ في سوق الرقيق. ربّما لهذا السبب تكتسب قصّة الملكة السورية زنوبيا أهمية خاصّة هذه الأيّام، إذا ما تذكّرنا جرائم هذه الجماعات ضدّ النساء ورفضها للحداثة واضطهادها لأتباع الديانات الأخرى وإلغاءها للتاريخ. كما أن قصّة زنوبيا تسلّط الضوء على الأدوار المهمّة للنساء في المجتمع والسياسة وتدحض الفكرة القائلة أن انجازات العالم القديم يُعزى فيها الفضل تحديدا وحصرا إلى الغرب. وسيرة حياة زنوبيا تذكّر أيضا بنساء أخريات خُضن ميادين السياسة وحكمن دولا وممالك في الشرق القديم، مثل بلقيس، ومثل الملكة أروى بنت احمد الصليحي التي كانت أوّل ملكة في الإسلام وحكمت اليمن لأربعين عاما، ومثل تين هينان ملكة ال...

جون فريدريك لويس في مصر

صورة
كان جون فريدريك لويس (1805-1876) رسّاما انجليزيا مشهورا. وهو معروف، أساسا، بسلسلة لوحاته التي استلهمها من فترة إقامته في مصر والتي دامت عشر سنوات. وكثيرا ما توصف تلك الصور بأنها تجسيد حيّ للمَشاهد الواقعية التي رآها الرسّام أثناء إقامته في القاهرة. وبعض النقّاد يشيرون إلى انه كلّما تمعّنت في لوحات لويس تلك، كلّما أدركت أنها ليست فقط عن الآخر، أي عن الحياة في مصر في منتصف القرن التاسع عشر، بقدر ما هي أيضا عن الذّات، أي عن الرسّام نفسه. السرد في هذه الصور أكثر من الدراما الشرقية. ورؤية لويس عن مدينة القاهرة وأهلها تظهر واضحة في لوحاته على عدّة مستويات. فهي من ناحية، ذكرى عن ماضي الرسّام كفنّان مغترب، كما أنها انعكاس لدوره كوسيط ثقافيّ بين الحضارتين الشرقية والغربية اللتين عاش في إطارهما. زار جون فريدريك لويس القاهرة في زمن كانت فيه الثقافة الإسلامية تكشف عن نفسها للأوربّيين لأوّل مرّة. وباستثناء لوحته "نساء في القاهرة"، فقد رسم كلّ لوحاته المهمّة عن تجربته في مصر بعد أن غادرها، أي في السنوات الخمس والعشرين التي سبقت وفاته في عام 1876. والعديد من تلك اللوحات التي...