المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر 14, 2012

المثقّف والسياسة

صورة
الفيلسوف والكاتب الرومانيّ المشهور ماركوس شيشيرون يقدّم نموذجا للمثقّف الذي يختار عن طواعية الانخراط في عالم السياسة، حتى وهو يدرك خطورة ما يمكن أن يجلبه عليه ذلك من أحقاد وثارات. شيشيرون كان في صغره طفلا عبقريا، إذ كان يتمتّع بذكاء متوقّد وموهبة استثنائية. وكانت هذه الخصال مثار حنق أترابه عليه. كما اظهر منذ نعومة أظفاره ميلا غير عاديّ لطلب المعرفة والتعلّم، على نحو ما تصوّره اللوحة فوق. عاش شيشيرون في عصر مليء بالاضطرابات السياسية. وكان أشهر كاتب وخطيب في زمانه. كما كان مدافعا عنيدا عن الحرّيات ومنتقدا بقوّة للتسلّط والاستبداد. ومن أقواله التي أصبحت مشهورة: سلام ظالم أفضل من حرب عادلة"، و "المهمّة الأساسية للفلسفة هي تعليم الإنسان كيف يستعدّ للموت". وقد قُتل شيشيرون بطريقة بشعة في العام 43 قبل الميلاد على أيدي مجموعة من أتباع خصمه اللدود مارك انطوني عضو المجلس العسكريّ الحاكم في روما في ذلك الوقت وأحد أكثر الذين تعرّضوا لانتقادات شيشيرون العنيفة والقاسية. كانت المطاردة بين الرجلين قد وصلت إلى ذروتها. وكان شيشيرون يختبئ في بيته بانتظار أن يأتيه يوما من...

روح معذّبة

صورة
معظم الفنّانين ينوءون تحت عبء الفكرة الشائعة عنهم بأنهم مجانين أو غريبو أطوار. وبعضهم يستمتع بهذه التهمة، وإن سرّاً. والبعض الآخر يرون فيها ترخيصا بسلوك الطريق الأقلّ ارتيادا دون النظر في المرآة الخلفية لمعرفة من الذي يتعقّبهم ولا الاهتمام بمن يحدّق فيهم بفزع. وهناك من هؤلاء الفنّانين من يتطلّع إلى العظمة بالذهاب إلى ابعد ممّا هو غريب أو شاذّ. وما يجعل الأمور أسوأ هو انه ليس هناك سوى خيط رفيع جدّا بين كل هذه الفروق، كما أن هناك ميلا من جانب بعض الفنّانين لاجتياز هذه الخطوط دون أن يدركوا ذلك. والمؤلم أن بعضهم في نهاية المطاف يسلك مسارا ينتهي بتدمير الذات الذي لم يستطع فينسنت فان غوخ تجنّبه. طوال حياته، كان فينسنت روحا مضطربة. فقد اُسيء فهمه، ولم يكن محبوبا إلا من شقيقه ثيو. كما فشل فشلا ذريعا في جميع جهوده المختلفة لتحقيق النجاح في أيّ شيء. وحتى عندما وجد ضالّته وراحته النفسية في الرسم وخلق الجمال، فإنه لم يجد سوى القليل من التقدير ولم يحقّق أيّ نجاح ماليّ على الإطلاق. وقد بحث فان غوخ عن علاقة مهنية وشخصية مع بول غوغان. وانتهت تلك العلاقة عندما هاجم صديقه الوحيد بشفرة حل...