المثقّف والسياسة
الفيلسوف والكاتب الرومانيّ المشهور ماركوس شيشيرون يقدّم نموذجا للمثقّف الذي يختار عن طواعية الانخراط في عالم السياسة، حتى وهو يدرك خطورة ما يمكن أن يجلبه عليه ذلك من أحقاد وثارات. شيشيرون كان في صغره طفلا عبقريا، إذ كان يتمتّع بذكاء متوقّد وموهبة استثنائية. وكانت هذه الخصال مثار حنق أترابه عليه. كما اظهر منذ نعومة أظفاره ميلا غير عاديّ لطلب المعرفة والتعلّم، على نحو ما تصوّره اللوحة فوق. عاش شيشيرون في عصر مليء بالاضطرابات السياسية. وكان أشهر كاتب وخطيب في زمانه. كما كان مدافعا عنيدا عن الحرّيات ومنتقدا بقوّة للتسلّط والاستبداد. ومن أقواله التي أصبحت مشهورة: سلام ظالم أفضل من حرب عادلة"، و "المهمّة الأساسية للفلسفة هي تعليم الإنسان كيف يستعدّ للموت". وقد قُتل شيشيرون بطريقة بشعة في العام 43 قبل الميلاد على أيدي مجموعة من أتباع خصمه اللدود مارك انطوني عضو المجلس العسكريّ الحاكم في روما في ذلك الوقت وأحد أكثر الذين تعرّضوا لانتقادات شيشيرون العنيفة والقاسية. كانت المطاردة بين الرجلين قد وصلت إلى ذروتها. وكان شيشيرون يختبئ في بيته بانتظار أن يأتيه يوما من...