المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر 15, 2009

اللوحة الكاملة

صورة
هذه اللوحة تختصر كلّ معاني الكمال. "امرأة شابّة مع إبريق ماء" هي نموذج للوحة الكاملة، بتوليفها المحكم وتنفيذها البديع والرائع. حتى أفضل النسخ منها لا يمكن أن تنقل لنا الإيقاع الدقيق لضوئها الأزرق والأبيض الجميل. بل وحتى أكثر الكلمات المختارة بعناية لا يمكن أن تصف جمال هذه اللوحة الصامت والمدهش. ومن الواضح أن قوّة اللوحة لا تتناسب مع حجمها. إذ لا توجد قطعة قماش مغطّاة بالأصباغ وعلى هذا النحو من الصغر يمكن أن تكون أكثر إثارة للإعجاب من هذه اللوحة. الكلام هنا لا لزوم له. فما الذي يمكن أن يقال عن شيء هو كامل في ذاته؟ أتذكّر عبارة قالها نيتشه في كتابه "أفول الأصنام" عن أيّ شخص يحاول الكتابة عن الفنّ العظيم. قال: أيّا تكن الكلمات التي عندنا، فإن الواقع يتجاوزها". في لوحة فيرمير نرى كيف أن الاعتيادي والمألوف يسمو إلى درجة الشِعر بما يتجاوز الكلمات. ثمّة جمال وغموض هنا لا نستطيع أن نلمسه. الصيغة البلاغية القديمة صحيحة: الكلمات تفشل. وهي حالة غير مريحة للشخص الذي ينوي الكتابة عن الرسم. عندما نواجه المطلق أو اللانهائي يمكن أن نستسلم للصمت أو نصاب بالجنون. الأمران معا حدث...

دورا مار

صورة
قبل أن آتي إلى بريطانيا منذ أكثر من ثلاثين عاما، تخلّصت من معظم ما كنّا نحتفظ به في منزلنا من لوحات فنّية، وذلك إمّا بإهدائها إلى بعض معارفنا أو وضعها في عهدة آخرين لحفظها. وبعد سنوات، ندمت كثيرا على تفريطي في تلك اللوحات. إحداها ظلّت تؤرّقني دائما. كان قد أهداها لنا فنّان شابّ من غويانا. أتذكّر هدوء تلك اللوحة الغامض وألوان خلفيّتها الدافئة. الشخصيّة فيها ترتفع مثل أبي الهول من بين الأنقاض الزرقاء لجدار. وعندما عدت لأرض الوطن بعد سنوات، بحثت عن اللوحة إلى أن وجدتها في بيت عائلتنا القديم. فأعدتها معي إلى انجلترا. وأصبحت اللوحة شاهدا على قوّة الفنّ الذي يلاحقنا ويلتصق بنا ويغذّي أرواحنا. إن قدرة الفنان على تحويل ألوانه إلى أشكال ومشاعر كانت دائما تحيّرني وتدهشني. ولا يقلّ عن ذلك فتنةً ذلك التفاعل والعلاقة المتبادلة بين أشكال الفنّ المختلفة من شعر ونحت وموسيقى ورسم. غير أن العلاقة بين الرسم والشعر، على وجه الخصوص، تتسم بالعمق والقوّة. فالاثنان محصّلة لرغبتنا في أن نصنع من الاعتيادي والمألوف شيئا جديدا، وأن نلتقط تجربة أو خبرة معيّنة بطريقة حيّة ومركّزة. وكلا الاثنين، أي الشعر والرسم، له ...

آدامز: شاعر الطيف الرمادي

صورة
في بدايات عهدي بالانترنت، كان أوّل ما وقعت عليه عيناي آنذاك صور آنسل ادامز عن الطبيعة باللونين الأبيض والأسود. كانت تلك الصور مليئة بالحيوية والدراماتيكية وكان لها تأثيرها البصري والجمالي الخاصّ. كان ادامز يفضّل غالبا اللونين الأبيض والأسود، لأنه كان يعتقد بأنه يستطيع من خلالهما أن يرى الطبيعة بشكل أفضل دقة وتفصيلا ممّا يمكن للألوان الأخرى أن تحقّقه. ومؤخّرا نُشر كتاب يتضمّن عددا من صوره الملوّنة والتي يراها الناس لأوّل مرّة. آنسل ادامز لم يكن فقط مصوّرا أمريكيا مشهورا، بل كان أيضا احد أعظم المصوّرين في العالم. المقال المترجم التالي يلقي بعض الضوء على حياته وأعماله. كان آنسل ادامز احد أعظم فنّاني الطبيعة في القرن العشرين. وقد استطاع أن يحوّل التصوير الفوتوغرافي إلى شكل من أشكال الفنّ. وكان دائما مدافعا عن جمال الطبيعة والتنوّع البيئي. كان يقول: إن العالم بالنسبة لي كيان حيّ. وأنا لا استطيع أن انظر إلى عشبة صغيرة في الأرض دون أن اشعر بمعنى الحياة. إن كلّ مفردات الطبيعة أحسّ بها في داخلي. ونفس الشيء يمكن أن يقال عن الجبل أو عن جزء من المحيط أو بقعة جميلة من غابة قديمة. إن كلّ شيء فعلته أ...