تقاطع طرُق
يحدث من وقت لآخر أن يتلقّى العقل الباطن عشرات الرسائل التي يتطلب فكّ شفراتها السرّية أن يتفحّص الإنسان مشاعره وينظر بتمعّن إلى داخل ذاته. قبل ليلتين، رأيتُ في ما يرى النائم زميلا توفي قبل حوالي أربعين يوما في حادث سيّارة. كان قد خرج هو وإحدى قريباته في الصباح الباكر. وفي عرض الطريق داهمهما سائق أرعن قطع الإشارة الحمراء واصطدم بسيّارتهما. في الحلم رأيته وهو ما يزال حيّا. غير انه كان حزينا مثقل النفس. كانت نظراته باردة وفكره مشوّشا كأنّما كان يفكّر بشيء ما. سلّمتُ عليه وسألته عن حاله وعن رحلة عبوره إلى العالم الآخر. لكنه ظل ساهما. فاجأني صمته المحيّر وملامحه الجامدة. لم اخبره انه لزمنا شهر كامل لإتمام إجراءات نقل جثمانه إلى بلده لدفنه بسبب بؤس القوانين والأنظمة التي لا تكتفي بتعذيب الناس وهم أحياء وإنما تلاحقهم بعد موتهم وحتى نهاية الأبدية. ولم اخبره أن رفيقته نجت من الحادث بأعجوبة، لكنها قد تعاني من آثار إصابتها البليغة في الدماغ إلى ما لا نهاية. ولم اخبره أن زوجته أرسلت تطلب دفنه هنا أو حرق جثّته وإرسال رمادها إليها بعد أن أعياها الانتظار. ولم أرِدْ أن أثقل عليه بإخباره أن أولئك الذين ...