المشاركات

عرض المشاركات من مارس 23, 2014

أغاني البحر

صورة
على مرّ التاريخ، ازدهرت الحضارات على طول السواحل وعلى ضفاف الأنهار. مثال ذلك حضارات السومريين والمصريين واليونانيين والفايكنج والآشوريين وحضارة وادي السند وغيرها. حيث يوجد ماء، توجد قوارب. وحيث توجد قوارب، هناك بحّارة وملاحون. وحيثما هنالك ملاح، هنالك أغنية. ثمّة شيء ما ساحر وغامض في أغاني البحّارة. إغراء الأصوات في المياه المفتوحة أو عبر الضباب البعيد مشوب بحزن مجهول يواكب حركة المدّ والجزر في النهر أو البحر. أغاني البحّارة ظاهرة عالمية يمكن تتبّعها في مختلف الحضارات والمناطق الجغرافية في العالم. وعبر القرون والقارّات والثقافات، أسّس البحّارة، من خلال حبّهم المشترك للشعر والألحان والإيقاعات الحيّة، حركة عالمية في الموسيقى يمكن تسميتها بأغاني البحر. وكانت أغاني البحر وما تزال تؤدّي غرضا مهمّا بإيقاعاتها وألوانها الحيوية، وهو الحفاظ على تزامن حركات البحّارة وإزالة السأم عنهم وتخفيف عبء الأعمال الثقيلة والمضنية التي ينجزونها. وقد اكتسبت هذه الأغاني شعبية هائلة بسبب توليفاتها وألحانها وإيقاعاتها الجميلة التي، حتى وإن كانت بسيطة، إلا أنها ساحرة وعذبة وتمنح رجال البحر ال...

لقاء بين امرأة وطائر 2 من 2

صورة
عالَم ليدا تسكنه الأساطير والآلهة التي تهبط إلى الأرض. لكن العالم الذي تلد فيه أطفالها "أو على الأصح تبيضهم كما تذكر القصّة!" محكوم بالسياسة والسلطة، وليس بالآلهة. وحرب طروادة هي التي مهّدت الطريق لصعود الإمبراطورية الرومانية، وبعد ذلك بزمن طويل، لصعود أوروبّا الحديثة. والسطران العاشر والحادي عشر من قصيدة ييتس يتضمّنان أهمّ إشارة مباشرة فيها إلى التاريخ اليونانيّ. وهما يصفان إحراق طروادة وما تلاه من قتل لأغاممنون القائد اليونانيّ الأقوى في تلك الحرب. أي أن القصيدة تزعم أن ولادة هيلين أميرة طروادة أدّت إلى كلّ تلك الأحداث المأساوية. وضمن نفس هذا السياق الأسطوريّ التاريخيّ، فإن فعل الاغتصاب ستكون له نتائج مدمّرة وبعيدة المدى. وهذان الحدثان، أي موت اغاممنون وتدمير طروادة، تحقّقا بسبب الاغتصاب. وفي نفس هذا السياق فإن أطفال ليدا الأربعة من البجعة مسئولون عن الموت والدمار الذي حدث بعد ذلك. أي أن ييتس يساوي هنا بين الفعل المدمّر لاغتصاب الجسد وبين تدمير طروادة. وإذا قرأت هذه القصيدة بتمعّن فستستنتج أيضا أن أجساد النساء الثلاث، أي ليدا وهيلين وكلايتمنيسترا، كانت هي السبب ا...

لقاء بين امرأة وطائر 1 من 2

صورة
عندما تتأمّل بعض الحكايات التي كان الأوّلون يتداولونها في ما بينهم لتفسير كيف يعمل العالم، فستحصل على كثير من الأشياء الغريبة: كلاب بثلاثة رؤوس، بشر على هيئة تيوس، رجال ونساء برؤوس بشر وأجساد خيول وبغال، ومخلوقات لها وجوه مشوّهة وبعين واحدة. وهذا فقط ليس سوى غيض من فيض، كما يقال. الإغريق، بشكل خاصّ، كان عندهم الكثير من هذه القصص الجامحة، وأكثرها يحكي عن آلهة تتصرّف بطريقة رديئة ومتهوّرة. من أشهر هذه القصص قصّة "ليدا والبجعة" التي ذكرها هوميروس في ملحمة الإلياذة. وليدا في الأسطورة هي امرأة حقيقية من لحم ودم. أمّا البجعة فليست من نوع البجع الذي اعتدت أن تراه وأن تداعبه في الحدائق والبحيرات، كما أن لا علاقة لها بتلك البجعات البريئة التي صوّرها تشايكوفسكي و سان سونس في موسيقاهما. هذه البجعة هبطت إلى الأرض من جبل الأوليمب ولديها مهمّة تريد انجازها. والبجعة ليست في حقيقة الأمر سوى زيوس كبير آلهة الإغريق وهو في حالة تنكّر. أمّا لماذا يتنكّر، فهذا ما سنعرفه بعد قليل. أسطورة ليدا والبجعة صُوّرت بكيفيّات أدبية وفنّية وفلسفية متعدّدة. وإحدى أشهر المعالجات الفنّية المعروفة...