ناسج الأحلام
أينما نظرت في لوحات هنري ماتيس ستجد أنسجة وأقمشة وأنماطا من كلّ شكل ولون. كان يحيط نفسه بكلّ شيء: أزهار ونباتات حيّة، اسماك في أحواض، عصافير في أقفاص، بلاط مزخرف وأواني وأشكال جبسية مختلفة وأقمشة ونُسُج ومطرّزات من مختلف الأنماط والأشكال والألوان. وقد جمع الرسّام كلّ هذه الأشياء خلال أسفاره العديدة وكان يحتفظ بها باعتبارها موارد مفيدة ولا غنى عنها لمكتبته البصرية. ثم وجدت طريقها إلى لوحاته ورسوماته التي يتداخل في نسيجها السجّاد والقماش الفاخر من كلّ شكل ولون. كان رسّامون مثل فان غوخ وسيزان وفويار يستخدمون الأنماط والأنسجة الورقية والإيقاعية في لوحاتهم لتكثيف الإحساس الذي تمنحه صورهم للناظر. لكن ماتيس ذهب خطوة ابعد بإعادة إنتاج الأنسجة الناعمة والألوان البديعة للحرير والقطن والمخمل والتافتا والتطريز بطريقة لم يسبقه إليها احد. لكن من أين جاء عشقه للأقمشة وألوانها وأنماطها المختلفة؟ ولد ماتيس ونشأ في بلدة في شمال فرنسا ملاصقة للحدود مع بلجيكا. وكانت البلدة مشهورة بصناعتها للأقمشة الفاخرة التي كانت تعتمد عليها شركات صنع الملابس في فرنسا. وعائلة والده كانوا من النسّاجين. ...