المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس 9, 2020

ديلاكروا: الرحلة الجزائرية

صورة
غادر الرسّام اوجين ديلاكروا فرنسا متوجّها إلى المغرب في يناير من عام 1832، أي بعد عامين من احتلال بلده للجزائر. كان قد أصبح فنّانا مشهورا بعد أن رسم "دانتي" و"موت ساردانابولوس" و"الحرّية تقود الشعب". وقد سافر بمعيّة دبلوماسيّ يُدعى شارل دي مورناي الذي كان يرأس وفدا كلّفه الملك لوي فيليب بمقابلة سلطان المغرب مولاي عبدالرحمن الذي أدّى دعمه للمقاومة الجزائرية إلى تهديد استمرار التوسّع الفرنسيّ غرباً. وأثناء توقّف ديلاكروا في الجزائر، استُجيب لرغبته في الدخول إلى جزء من بيت احد الأهالي، حيث تعيش النساء فيه في عزلة عن الرجال. وقد لاحظ الرسّام الحريم من مسافة عبر رواق يؤدّي إلى غرفتهن. وفي نهاية الغرفة رأى ثلاث نساء مع خادمتهن وهن يجلسن حول أرغيلة وفي جوّ يوحي بلحظات من الخصوصية. في ذلك المكان، تشكّلت في ذهن ديلاكروا الملامح الأوليّة للوحته "نساء الجزائر" التي وصفها احد النقّاد في ما بعد بأنها انجازه الأكبر. وهناك غموض يحيط بهويّة اثنتين من النساء، الأولى وتُدعى منى بنسلطان، وتظهر في أقصى يسار اللوحة متكئةً على أريكة وجالسةً في مواجهة النا...

تشيكوف: نظرة مختلفة

صورة
لأكثر من مائة عام، يجلس رجلان ملتحيان وطاعنان في السنّ على أكتاف الروس الذين ينوءون تحت حملهما الثقيل: تولستوي وديستويفسكي. تولستوي يجلس على الكتف الأيمن وديستويفسكي على الكتف الأيسر، أو العكس. العبء الثقافي الذي يمثّله هذان الرجلان ستشعر به بعد لحظات قليلة من لقائك مع أيّ شخص غريب يكون على دراية بسيطة بالأدب الروسيّ. فعندما يعرف انك روسيّ، سرعان ما يهتف: آه تولستوي وديستويفسكي"! الميراث الأدبيّ الضخم للرجلين يثقل كواهلنا كـ "رُوس"، بل ويسحقنا بلا رحمة. والمشكلة انه يتوجّب علينا أن نحملهما معنا أينما ذهبنا أو ارتحلنا إلى أن نموت. ما من شكّ في أن الرجلين عبقريّان. لكن المحزن أن حجم وعمق كتاباتهما حَجَب بريق كتّاب روس آخرين لا يقلّون أهميّة وموهبة. وأعرف على الأقل كاتبا واحدا ينافسهما، بل ويتفوّق عليهما أحيانا. هذا الكاتب اسمه انطون تشيكوف. وهناك عدد من الأسباب التي تجعل من تشيكوف ندّاً قويّا لتولستوي وديستويفسكي. السبب الأوّل هو أن تشيكوف كان كاتبا موجزا. صحيح أن طول أو حجم كتاب ما ليس معيارا صالحا للحكم على جودته وقيمته. فهناك روايات كثيرة طويلة وضخمة، لكنها ...