موضوع اللوحة شخصان متشابكان، رجل وامرأة، يقطران ذهباً منصهراً. الرجل الذي لا يُرى وجهه يحتضن المرأة ويقبّل وجنتها، بينما عيناها مغمضتان وتعابير وجهها جامدة. وهي تلفّ يديها حول عنقه وتتشبّث بيده عند رقبتها.
بعض النقّاد لاحظوا أن جسد الرجل الذهبي مزيّن بأشكال مستطيلة، بينما جسد المرأة تمثّله أشكال منحنية، وفي هذا استعادة للأشكال الذكورية والأنثوية الكلاسيكية. كما لاحظوا أن هناك شيئا من الاستبداد والعنف في عناق الرجل وشيئا من العجز واليأس والاستسلام من جهة المرأة. هل هي فاقدة للوعي أم أن عينيها مغمضتان في سعادة غامرة؟ هل تردّ عناق الرجل أم تحاول انتزاع يديه؟
كلّما تأمّلتَ هذه الصورة الأيقونية لفترة أطول، أصبحتْ أكثر قتامةً. وهي تدعونا لتحدّي تصوّراتنا المسبقة عنها. وهناك الكثير من السرديات والتكهّنات المحتملة بشأنها. بعض مؤرّخي الفنّ رأوا أن اللوحة تُصوّر الفنّان نفسه، أي كليمت، وملهمته إميلي فلوغ. كان كليمت قد قابلَ فلوغ لأوّل مرّة عام ١٨٩٢، عندما كان هو في الثلاثين من عمره وفلوغ في الثامنة عشرة. وقد أصبحت مصمّمة أزياء ناجحة وانتقلت مع كليمت الى أوساط المجتمع الراقي في ڤيينا. وقبل وفاته، أوصى لها بنصف ممتلكاته، على الرغم من أنهما لم يتزوّجا قط.
ومثل العديد من الفنّانين الحداثيين، يُعدّ موقف كليمت تجاه النساء محورا أساسيا في فنّه. ويقال إنه تعامل في العديد من لوحاته مع النساء على أنهن مجرّد زينة، تماما مثل خلفيات صوره وفساتينه المذهّبة والمعقّدة.
وكليمت ولوحته هذه يحثّان المتلقّي على طرح أسئلة جوهرية وجدّية. لماذا مثلا يُحتفى باللوحة كعمل رومانسي، في حين أن لغة جسد شخصيّتيه غامضة ومزعجة؟
ربّما يكون ما يستخرجه الفنّانون من ظلال الجنسانية واللاوعي أكثر حيوية وجمالا من كلّ ما هو سطحي وساذج. هل هذه لوحة لرجل مفترس؟ وإن كان الأمر كذلك، فبأيّ معنى؟ أم أنها لوحة لامرأة أنثى حاضرة في لحظتها ومنغمسة فيها؟ أم أنها مصمّمة لنظرة الرجل؟
إن النظر إلى أيّ قطعة فنّية بعين ناقدة لا يعني التقليل من شأنها أو رفض جودتها، بل إن من شأن ذلك أن يزيد من قدرتنا على تقدير الفنّ ونقده لفهم سياقه مهما كان محفوفا بالمخاطر.
بعض الكتّاب فسّروا "القبلة" على أنها رمز لعملية الفنّان الإبداعية. ويمكن اعتبار الأنماط المزخرفة وورق الذهب فيها، والتي تذكّر بالفنّ الياباني، استعارةً للعملية الفنّية، حيث يحوّل الفنّان الموادّ الخام إلى شيء جميل وذي معنى. صحيح أن استخدام ورق الذهب يُضفي لمسة من الفخامة والرقي على العمل ويُبقي أثره البصريّ طويلا، لكن البعض يرى أن الزخرفة والتذهيب الزائدين يطغيان على الشخصيتين الرئيسيتين ويقلّلان من التأثير العاطفي للوحة.
أعمال غوستاڤ كليمت تشكّل العمود الفقري للعديد من مجموعات متاحف ڤيينا. وقد أصبحت هذه اللوحة بالذات رمزا لأسلوبه الفنّي، مع أنه لم يرسم دائما بهذه الطريقة المنمّقة والمتأنّقة.
❉ ❉ ❉