في صور بلاكمور هناك دائما شعور بالاستكشاف وعلاقة معمّقة مع الموضوع. وبالنسبة له فإن أيّ شيء قد يُثير الدهشة ويُحفّز على البحث، من الأشواك في حديقة مهملة إلى آنية من أزهار الزنبق أو النرجس الخ.
وقبل أن يلتقط صورة، كان يجلس مغمض العينين لعشرين دقيقة تقريبا، يسمح لنفسه أثناءها بالشعور بملامسة الأرض وسماع أصوات الطبيعة التي لا تُحصى والإحساس بحركة الهواء والنموّ الطفيلي للطحالب والتحام الأشجار والصخور. وكان لهذا هدفان: التناغم مع المكان وتبديد أيّ تصوّرات مسبقة عن الصور التي يمكن التقاطها.
صُوَر بلاكمور شخصية ومكثّفة مع صدى شعري وجمال خاص، كمثل تصويره جروح الأشجار على اللحاء المثقوب والمشوّه والأغصان المتشابكة والمعقّدة والأشجار العارية التي تحتضر بين أوراق الشجر المحيطة. وفي مناظره للبحر وشروق الشمس، ينقل المصوّر حزنا غريبا وساكنا وحادّا. ولطالما كان التصوير بالنسبة له شغفا بالاستكشاف، وقد التقط بعضا من أشهر صور المناطق البرّية في إنغلترا وويلز. ولكن مع تآكل الأرض بفعل الإنسان، لم يعد يشعر بالحرّية في البرّية، وصار يفضّل رسم مناظره الطبيعية من الحطام الذي يجده في الحدائق.
قال ذات مرّة: قضيتُ وقتا طويلا أتأمّل الزهور، والكاميرا بعيدة عن أفكاري. واستمتعتُ بحضور الزنبق الأخّاذ. ولاحظت أن النرجس، برغم جماله الأخّاذ، يتّسم بجمود عنيد في الشكل. أما الزنبق ففي تحوّل دائم، إذ يمتدّ نحو النور ويشير إلى احتلال المكان. هذه الفترات من التأمّل والمتعة البصرية، تُعدّ دائما جزءا لا يتجزّأ من عملي، إذ تُعمِّق تجربتي وعلاقتي بالموضوع".
❉ ❉ ❉
❉ ❉ ❉
وبعض الناس يظنّون أن المقطوعات الموسيقية يجب أن تكون قصيرة، لأن لا وقت للموسيقى الطويلة. وهذا كلام غير صحيح. فالناس يشاهدون البرامج التلفزيونية الطويلة. كما أن موسيقى الأفلام متفاوتة في طولها، فلحن فيلم "قراصنة الكاريبي" كاملا كان حوالي 14 دقيقة، بينما لحن فيلم "فارس الظلام" كان 22 دقيقة.
ويضيف: كثيرا ما أستمتع بتقديم كلّ ما هو غير متوقّع. خذ "الأسد الملك" مثلا، هذا الفيلم لم يحقّق نجاحا كبيرا في شبّاك التذاكر فحسب، بل ضَمِن لي أوّل جائزة أوسكار لأفضل موسيقى تصويرية. وفيلم "المصارع" واجه عددا هائلا من المشاكل، لكن العمل عليه كان ممتعا، ولم أتوقّع أن يحقّق نجاحا باهرا. وعند كتابتي موسيقى فيلم "شيرلوك هولمز" عام ٢٠٠٩، استندتُ إلى فوضى لندن الفيكتورية وملأت الموسيقى التصويرية بإيقاعات البانجو والكمان، ما أثار قلق الاستوديو. ومع ذلك حقّق الفيلم نجاحا معتبرا.
ويختم زيمر كلامه بالقول: يمكنك أن تقول الكثير من الأشياء السيّئة عن صناعة السينما، وكلّها صحيحة، لكنها المكان الوحيد على وجه الأرض الذي لا يزال يكلّف الملحّنين بتأليف موسيقى أوركسترالية. وإذا اختفت الأوركسترا، فسنخسر جزءا كبيرا ممّا يجعلنا بشرا، أي الإنجاز الإنساني المتمثّل في قدرتنا على الابداع. وأحد الأشياء التي أسعى إليها هو جعل أمريكا تنظر إلى نفسها من جديد، أحيانا بدهشة وأحيانا برعب".
❉ ❉ ❉
لكن مع مرور السنوات، يفقد الإنسان قوّته وصحّته والأشخاص الذين كانوا حوله. ونتيجةً لذلك، تصبح حياته كلّها انتظارا لا نهاية له. يقول أحدهم: كنت مشغولاً جدّاً بعملي لدرجة أنني كنتُ أضطرّ لتناول وجباتي بسرعة. كان كلّ همّي جمع المال والحصول على الترقية والزيادة في الراتب. الآن، غالباً لا أجد ما أفعله، لكنّني أجد السعادة عندما أحلم أو أقرأ أو أكتب أو أتحدّث مع عائلتي. قلّة المال لا تُنقِص من سعادتي، لأنني بدأتُ أعيش كلّ لحظة بمتعة وحماس".
ذات مرّة طلب طفل من أمّه أن تقطف له بعض العنب من على شجرة. لكن الأم تردّدت في قطف العنب الأخضر وأرادت الانتظار حتى ينضج. وعندما نضج جاء الطفل ليطلبه مرّة أخرى. لكن الأم كانت قد قرّرت أن تترك العنب على الشجرة بانتظار أن تصنع منه حلوى ومربّيات.
وعندما بدا أن كلّ شيء صار جاهزا لقطف الثمار، جاءت الطيور باحثةً عن طعامها، وهبّت عاصفة قويّة وغير متوقّعة، وأتت الشمس المحرقة على البقيّة، ولم يبقَ على الأغصان سوى القليل من العنب.
في الواقع، ليس لدينا سوى الحاضر، أما المستقبل فبعيد المنال وفي علم الغيب.
الحياة مثل الفصول الأربعة. الربيع له جماله الدافئ الخاص، والصيف له جماله الساخن الخاص، والخريف له جماله الناضج الخاص، والشتاء له جماله البارد الخاص. أزهار الربيع تجعل الناس يشعرون بالسعادة، والقمر في الخريف يجعلهم يشعرون بالاسترخاء، ونسمات الصيف تجعلهم يتخّففون من الحرارة، وثلوج الشتاء تجعلهم يشعرون بالانتعاش. وكلّ هذا يخلقه العقل. فإذا كنت في مزاج سيئ، فإن ما تراه وتشعر به يكون مختلفا. وكلّ مرحلة في الحياة جميلة طالما أنك تدرك كلّ ما لديك الآن.
هناك صنف من الناس الذين يعلّقون كلّ متعهم الجيّدة على المستقبل. فهم يعتقدون أنهم يجب أن يعانوا أكثر الآن لكي يستمتعوا بالأيام الجميلة القادمة، لكنهم لا يعرفون كيف يستمتعون بالحاضر وينسون أن القلق المستمرّ بشأن المستقبل يمكن أن يؤدّي إلى فقدان الصحّة أو حتى الحياة، وأن الحاضر هو كلّ ما لدينا.
الأشياء في هذا العالم لا يمكن التنبّؤ بها. فنحن لا نعلم إن كنّا سنستيقظ غدا بعد أن نمنا، ولا نعلم ما إذا كنّا سنعود إلى المنزل بأمان بعد خروجنا منه، ونعتقد أن لدينا عمراً كاملاً لنضيّعه. لكن في الحقيقة كلّ ما لدينا هو اليوم فقط. والشيء الذي نحتاج إلى التفكير فيه أكثر من أيّ شيء آخر هو كيف نعيش حياتنا بشكل جيّد في هذه اللحظة.
أن تجعل كلّ لحظة من حياتك رائعة وذات معنى هو أسلوب الحياة الذي ينبغي أن يتمتّع به كلّ واحد منّا. لذا لا تعش حياتك في حالة انتظار إلى ما لا نهاية!
Credits
dewilewis.com
hans-zimmer.com
dewilewis.com
hans-zimmer.com