:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الخميس، يوليو 17، 2025

قراءات


  • في داخلنا، حتى أكثرنا مرحا وبهجة، داء أصيل؛ نار لا تنطفئ تجعل الغالبية العظمى منّا عاجزين عن بلوغ السلام التام في هذه الحياة. إنه "التوق" المتجذّر في نخاع عظامنا وفي أعماق أرواحنا. وكلّ الأدبيات العظيمة والشعر والفنّ والفلسفة وعلم النفس والدين تحاول تسمية هذا التوق وتحليله.
    ونادرا ما نكون على تماسٍّ مباشر معه، بل يبدو أن العالم الحديث مصمّم على منعنا من التواصل معه بتغطيته بوهم لا ينتهي من التسلية والهواجس والإدمان ومشتّتات الانتباه من كلّ نوع. لكن التوق موجود ومتأصّل فينا كرغبة تضغط من أجل أن تتحرّر. وتوحي لوحتان فنّيتان عظيمتان بهذا التوق في عنوانيهما: لوحة غوغان "من نحن؟ من أين أتينا؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟" ولوحة دي تشيريكو "حنين إلى اللانهائي". وسواءً أدركتَ ذلك أم لا، فإن مجرّد كونك إنسانا يعني التوق إلى التحرّر من الوجود الدنيوي بجدرانه وقيوده. هيوستن سميث
  • ❉ ❉ ❉

  • سكّان أمريكا الأصليون، الذين أُعجب هنري ثورو بحكمتهم، يعتبرون الأرض مصدرا مقدّسا للطاقة. وبالنسبة لهم، التمدّد على الأرض يجلب الراحة والجلوس عليها يضمن حكمة أكبر في المجالس والمشي على جاذبيتها يمنح القوّة والتحمّل. والأرض مصدر لا ينضب من القوّة، فهي الأمّ الأصلية المُغذِّية، لأنها تضمّ في حضنها جميع الأسلاف الراحلين. وهكذا، بدلا من مدّ أيديهم نحو السماء طالبين رحمة الآلهة السماوية، يفضّل الهنود الحمر المشي حفاةَ على الأرض.
    كان شعب لاكوتا متعريّا حقيقيّا وعاشقا للطبيعة على الدوام، يحبّ الأرض وكلّ ما فيها، ويزداد تعلّقه بها مع التقدّم في العمر. وقد أحبّ كبار السنّ التراب حرفيّا، فبجلوسهم أو استلقائهم على الأرض يشعرون بقربهم من قوّة الأمومة. وكانوا يحبّون خلع أحذيتهم والمشي حفاةً بأقدامهم على الأرض المقدّسة. وقد بُنيت خيامهم على الأرض، وصُنعت مذابحهم من التراب. وكان لتراب الأرض عندهم خصائص مهدّئة ومقوّية ومطهّرة وشفائية.
    ولا يزال الهنديّ العجوز يجلس على الأرض مباشرة بدلا من الارتفاع فوقها. فالجلوس على الأرض يعني القدرة على التفكير بعمق أكبر والشعور أكثر بأسرار الحياة والاقتراب من الحيوانات الأخرى من حوله. والمشي، بفضل دعم الأرض والشعور بجاذبيتها وملامستها مع كلّ خطوة، هو بحدّ ذاته تفريغ للمشاعر الضارّة وجلب للطاقة الإيجابية. فريدريك غروس
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • "حرب نهاية العالم" هي روايتي التي بذلت فيها أكبر جهد ممكن وكرّست لها كلّ وقتي. وقد استغرقت كتابتها أربع سنوات. واضطررت لإجراء بحث مكثّف وقراءة معمّقة وتخطّي صعوبات جمّة، لأنّها كانت أوّل مرّة أكتب فيها عن بلد غير بلدي وأعمل مع شخصيات تتحدّث بلغة غير لغة الكتاب. هذه الرواية أصبحت تحدّيا مرعبا لي وعزمت على التغلّب عليه. في البداية، كنت قلقا للغاية. جعلتني الكميّة الهائلة من موادّ البحث أشعر بالدوار. كانت مسوّدتي الأولى ضخمة، حوالي ضعف حجم الرواية. وسألت نفسي كيف سأنسّق كلّ هذه المشاهد وآلاف القصص القصيرة.
    ولمدّة عامين، عانيت من القلق والحيرة. لم أكن أعرف شيئا عن حرب كانودوس، بل لم أكن قد سمعت عنها من قبل. وكان أحد أوّل الأشياء التي قرأتها عنها باللغة البرتغالية هو كتاب "اوس سيرتوس" أو "تمرّد في المناطق النائية" للكاتب البرازيلي يوكليدس دا كونيا. كان هذا الكتاب أحد الاكتشافات العظيمة في حياتي كقارئ، وهو لا يقلّ أهميّة عن قراءة "الفرسان الثلاثة" في صباي، أو "الحرب والسلام" و"مدام بوفاري" و"موبي ديك" بعد أن كبرت.
    أذهلني تماما ذلك الكتاب، إنه أحد أعظم الأعمال التي أنتجتها أمريكا اللاتينية. بقراءته تكتشف لأوّل مرّة ما لم تكن تعرفه عن ذلك الجزء من العالم. فأمريكا اللاتينية ليست مجموع وارداتها، وليست أمريكا ما قبل الإسبان أو المجتمعات الأصلية، ولكنها مزيج من هذه العناصر التي تتعايش بطريقة قاسية وأحيانا عنيفة. مأساة أمريكا اللاتينية هي أنه في مراحل مختلفة من التاريخ، وجدت بلداننا نفسها منقسمة وفي خضمّ حروب أهلية وقمع ومجازر جماعية مثل تلك التي وقعت في كانودوس. التعصّب وعدم التسامح يُثقلان كاهل تاريخنا. لذا فإن الرجل الذي أدين له حقّا بالفضل في تحفيزي لكتابة "حرب نهاية العالم"هو يوكليدس دا كونيا. ماريو فارغاس يوسا
  • ❉ ❉ ❉

  • في أعماق الطرف البعيد من الذراع الحلزوني الغربي للمجرّة، تقع شمس صفراء صغيرة لا تُرى. يدور حولها، على مسافة تقارب اثنين وتسعين مليون ميل، كوكب صغير أزرق مخضر وتافه للغاية، أشكال الحياة فيه، المنحدرة من القردة، بدائية للغاية لدرجة أنهم ما زالوا يعتقدون أن الساعات الرقمية فكرة رائعة. دوغلاس آدامز
  • ❉ ❉ ❉

  • في بعض الأحيان، عندما تعيش حياة طرفية على حافّة هذه البريّة المسمّاة الحياة، يمكنك أن تعود إلى العالم، هذا إن عدت على الإطلاق، ومعك بعض الجواهر من تلك التجربة التي قد يجدها الناس مفيدة. في شبابي، بحثت عن المعنى دون وعي، ممسكا بشذرات من المعرفة، كما تُمسك بعض أنواع الطيور بالأشياء البرّاقة لبناء أعشاشها. وبعد 30 عاما من الدراسة في مجالات الفيزياء واللاهوت والأحياء والفلسفة والأنثروبولوجيا وعلم النفس وعلم الآثار وغيرها، توصّلت إلى بعض الاستنتاجات حول طبيعة الكون ومكاننا فيه.
    لا أؤمن بوجود رجال صالحين أو أشرار. أؤمن بأن أفعالنا هي الخير والشر، وليس الرجال والنساء الذين يرتكبونها. أفضلنا قد يفعل الشر، وأسوأنا قد يفعل الخير. عرفت رجال مافيا تولّوا مسؤولية إطعام الفقراء في مناطقهم، وعرفت رجال شرطة كانوا قساة بلا رحمة. نحن البشر حيوانات قادرة على فعل الخير أو الشر. وكلّنا نفعل الأمرين، بدرجة أو بأخرى.
    رجال المافيا الذين عرفتهم في الثمانينات كانوا في الغالب رجالا شرفاء. أعلم أن هذا يبدو غريبا ومتناقضا لمن لم يعيشوا في ذلك العالم قط، لكنها حقيقة تجربتي. عاش رجال العصابات من المدرسة القديمة وفقا لقواعد شرف صارمة، وكانوا دقيقين للغاية في الالتزام بها. ولم أرَ في حياتي رجل مافيا يرفع يده على امرأة أو طفل، ولم أعرف قط من نقضَ وعده لي أو تخلّى عنّي في وقت الشِدّة. غريغوري روبرتس
  • ❉ ❉ ❉

  • بالنسبة لليونانيين الأوائل، كانت القوقاز نهاية العالم، وليس وراءها سوى مجرى المحيط. ويصفها إسخيلوس في مسرحيته "بروميثيوس المقيّد"بأن فيها أعلى الجبال، ويتحدّث عن "قممها المجاورة للنجوم". هنا يصوَّر سارق النار مقيّدا إلى صخرة بينما نسر يتربّص به. ويذكر هيرودوت أن هذه القمم أعلى من أيّ قمم جبال أخرى. ولم يتجاوزها أيّ قائد روماني قط. وكانت تمثّل ما هو مخيف ومجهول: الأمازونيات الدمويات وقبائل إسرائيل الهاربة وأمم يأجوج ومأجوج الشرّيرة.
    وطبقا لتقاليد هنود الغرب الأمريكي، تُعتبر جبال روكي حدود العالم المعروف. كانت هذه القمم تحمل السماء وتطارد أرواح العواصف وعمالقة الحجر وآكلي لحوم البشر ذوي البطون الضخمة. ومنها امتدّ غربا الطريق الجوفي المؤدّي إلى أرض الموتى. وفي داكوتا الجنوبية، كان هناك تلّ الشياطين الصغار، وهم أقزام شرّيرون ذوو رؤوس ضخمة، كانت قبائل البراري تقف في رهبة خوفا من سهامهم.
    وكانت هناك سبعة جبال مقدّسة في أرض النافاهو، أربعة منها عند الجهات الأربع، وثلاثة عند المركز. وقد منحت الأسطورة كلا منها لونه الخاص وجواهره وطيوره ونباتاته. كان أحد الجبال مثبّتا على الأرض بوميض برق، وآخر بشعاع شمس، وثالث بقوس قزح. وبروح يونانية تقريبا، كان هنود غيانا ينشدون أمجاد الصخور الحمراء المغطّاة بالغيوم. وكان فوقها نسور بيضاء تحيط بها دائرة سحرية وحرّاس من الشياطين. كيرك سبولدينغ