خواطر في الأدب والفن


  • يذكر ويليام كروغر في إحدى رواياته قصّة ضابط شرطة في بلدة تقع في براري مينيسوتا، وهو من أصول أمريكية أصلية، وتربطه علاقة وثيقة مع شامان محليّ يعلّمه الصيد بالطريقة القديمة.
    في الخريف التالي، اصطاد الجنديّ والشامان غزالا أبيض الذيل. وكان صيد غزال يتطلّب من الجندي أن يكون قريبا بما يكفي لسماع أنفاس الفريسة. كانت تجربة غريبة، فبعد أن اصطاد غزاله الأوّل، أدرك ضرورة أن يغنّي لروح الحيوان الذي اصطاده وأن يشرح له سبب عنفه معه، وأن يَعِد هذا المخلوقَ الجميل بأن جسده سيُطعَم لأناس سيكونون ممتنّين له كثيرا. وهذه الصلاة المغنّاة تأخذ في الغالب هذه الصيغة:
    شكرا لك أيّها الروح الأعظم على هذا الصيد المشرّف. سيكرِّم أهلي وأصدقائي تضحيتك بالتغذّي على لحمك. وستبقى ذكرى يومك الأخير في نفسي للأبد. عسى أن يحتضن الخالق روحك، إذ يعلم أنك قد أنجزتَ غايتك وحقّقتَ قدرك. شكرا لك يا ربّي على مشاركتي في طبيعتك الرائعة ومخلوقاتك. هب لي دائما الحكمة والاحترام في السعي واحفظني متواضعا في الحصاد. وأرجوك أن تحتضن روح هذا الحيوان وأن تبارك هذه الهبة من اللحم لعائلتي وأصدقائي. وأرجوك أن تُبقي هذه الذكرى معي للأبد، حتى يكرَّم هذا الحيوان في كلّ مرّة أتذكّره فيها. آمين".
    كان السكّان الاصليون يُجلّون الحيوانات المذبوحة. وقد بُنيت تقاليد الصيد عندهم بالكامل على قواعد محكمة تكرّم هذه الحيوانات. وكان من عادات الكثير من القبائل وضع رأس الغزال وقرونه في جوف شجرة حتى تتمكّن روحه من رؤية شروق الشمس وغروبها. كما اعتقدوا أن هذا يطمئن الحيوانات الأخرى بألا داعي للخوف من تسليم أجسادها للبشر.
    بعض علماء الأنثروبولوجيا يعتقدون أن التضحية بالحيوانات كطقس ديني انبثقت من الصراع بين النظام الغذائي للحوم عند آكليها في عصور ما قبل التاريخ وتطوّر القدرة على التعاطف مع آلام المخلوقات التي كانوا يذبحونها ويأكلونها.
    كان البشر في العصر الحجري القديم من أكلَة اللحوم وكانوا يقتلون الحيوانات بانتظام. ولكنهم كانوا أيضا يملكون قدرة مؤكّدة على الإحساس بالألم الذي يسبّبونه لها عندما يقتلونها. وكان أولئك الصيّادون وجامعو الثمار يشعرون بقلق نفسي عميق عندما يذبحون الحيوانات بينما ينظرون في أعينها ويتخيّلون ألم الموت.
    وبناءً عليه، دفَعهم هذا الشعور بالألم إلى إحاطة فعل القتل بمحرّمات وشعائر معقّدة. وهذه الطقوس والشعائر هي التي تساعدنا على فهم العالم والتعامل مع التحوّلات النفسية المؤلمة، فنقيم طقوسا للجنائز وأخرى لعقود الزواج وطقوسا للاحتفال بالانتقال إلى مرحلة البلوغ، وما إلى ذلك. وهكذا فتحويل ذبح الحيوانات من مجرّد استهلاك غذائي إلى طقس ديني يمنح البشر رخصة عاطفية للتكيّف مع مشكلة أخلاقية شائكة.
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • تقول الرسّامة ليزلي أولديكر: لوحاتي هي الأماكن التي أجري فيها حوارات داخلية مع نفسي. قد تكون قاتمة بعض الشيء، لكنها تشعّ بالأمل أيضا. وأتمنّى أن يتشارك من يتفاعلون معها نفس الروابط العاطفية، وأن يشعروا بالراحة لأنهم ليسوا وحيدين. وتضيف: لطالما اهتممت بالناس، وكيف نتواصل جميعا مع بعضنا البعض ومع محيطنا. وأسلوبي في الرسم هو استمرار لهذه الأفكار".
    أعمال أولديكر تستكشف مواضيع الوجود الإنساني والذاكرة ومرور الوقت وترصد المجتمع المعاصر وتتساءل عن جوهر المساحة الحضرية التي نتشاركها وتستكشف العلاقات الإنسانية المعقّدة والطبيعة الموقّتة للحياة ونظرتنا لأنفسنا وللآخرين. وهي تستخدم ألوانا محدودة لخلق حالة مزاجية وجوّ مميّز. ومع تعمّقها في الكشف عن هذه الاستجابات والتعبير عنها، يبدأ صوت الفنّانة الإبداعي بالظهور وتتشكّل صورها النابضة بالحياة. ومع ذلك، يصعب إيجاد تفسير واحد لتجريد الفضاء واللون والشكل والعاطفة والطبيعة الديناميكية لصورها.
    غالبا، أماكن اللوحات هي الساحات العامّة، حيث يسود شعور مستمرّ بالحركة ويتجلّى جوهر المشاعر والشكل والمساحة واللون في اعمالها. وملاحظات الفنّانة المتعمّقة للسلوك البشري، بالإضافة الى تجاربها الشخصية، تعزّز السرديات الشعورية في لوحاتها وتكثّف المشاعر حول مسائل كالنزوح والانتماء والأهمية داخل البيئات الحضرية المشتركة.
    كما تستحضر صورها تلميحات أكبر عن المزاج والمكان، ومن ثم تشجّع الناظر على الاستكشاف والانغماس في اللوحة لفهمها والتعمق فيها على المستوى الشخصي، وهو ما يجعل أعمالها مثيرة للتفكير وجذّابة بصريّا.
    هناك شعور بالجمال والألفة عند النظر إلى صور أولديكر بما تتضمّنه من لمحات مكانية مليئة بالأشخاص. أحيانا تعكس لوحاتها حنينا إلى الماضي، أو تذكّرا لشعور بالانتماء إلى مكان ما أو شخص ما. وفي الوقت نفسه، قد تثير شعورا بالوحدة وسط حشود من الناس. ومن الواضح أن هذه اللوحات صُمّمت لتخاطب كلّ متلقٍّ بحسب تجربته وخلفيّته.
  • ❉ ❉ ❉

  • اقتباسات...
    ○ المأساة ليست في أننا وحدنا، بل في أننا لا نستطيع أن نكون لوحدنا. أحيانا أكون مستعدّا للتضحية بأيّ شيء في الحياة لأفقد أيّ صلة لي بعالم البشر. ألبير كامو

    ○ القراءة جعلت من دون كيشوت رجلا نبيلا. أما تصديقه لما قرأه فقد أفقده صوابه. جورج برنارد شو

    ○ لو كان برتراند راسل حيّا اليوم، لكان مسرورا وحزينا في آن واحد بالإنترنت: مسرورا لأنه يتيح هذا الكم الهائل من المعلومات والمعرفة ويضعها في متناول الجميع في جميع أنحاء العالم. وحزينا لأنه أدّى إلى انتشار ما كان يسمّيه الهراء الفكري Intellectual rubbish الذي يمثّل بلاء عصرنا، حيث يمكن لأيّ شخص أن يسهب في الحديث على الإنترنت دون مراعاة للحقائق. ج. كولمن

    ○ لا نعرف كيف نعيش، وبالتالي لا نعرف كيف نموت. ما دمنا نخشى الحياة، سنظل نخشى الموت. ج. كريشنامورتي

    ○ يعلّمنا البحر الدرس الذي يحثّنا كلّ عالم بيئة على فهمه عن العالم الطبيعي: أنه لا يهتمّ بنا، وأنه سيعيش من بعدنا. فيليب مارسدن

    ○ كن كالبذور، لا تعتبر التراب الذي يُلقى عليك عقبة أو إهانة، بل أرضا للنموّ والارتقاء. م. داليويو

    ○ لا تخف من الموت! خَف من الحياة غير الكافية. برتولت بريشت

    ○ الحياة هي فقط ما يحدث لك، بينما أنت مشغول بوضع خطط أخرى. جون لينون

    ○ إنه لأمر خطير أن أكون على قيد الحياة في هذا الصباح المنعش في هذا العالم المكسور. ميري أوليفر

  • Credits
    lesleyoldakerfineart.com
    archive.org

    المشاركات الشائعة من هذه المدونة

    مخطوطات قرآنية نادرة

    فنجان قهوة

    أشهر عشر نساء خلّدهن الرسم